آخر المقالات

السبت، 8 سبتمبر 2007

عن عبد الرحمن عارف ( 1916- 2007) الرئيس العراقي السابق

رجل طيب ومسالم الي ابعد حد لم يشكك احد بوطنيته وسنوات حكمه الثلاث رهنت البلاد بأيدي العسكريين

افتقد دهاء وحنكة شقيقه عبد السلام. لم يقاتل من اجل السلطة ولم يكن في الواقع مرتاحا في منصبه كرئيس

منقول من القدس العربي
06/09/2007


سيف الدين الدوري


توفي في عمان قبل اسابيع الرئيس السابق للعراق عبد الرحمن عارف وهو الشقيق الاكبر للرئيس الاسبق عبد السلام محمد عارف، وهذا تقييم عام وعرض لسيرته في الحكم الذي لم يستمر سوي ثلاث سنوات، وسياسته تجاه الدول العربية والاسلامية المحيطة بالعراق ومواقفه الداخلية*



هو الشقيق الاكبر للرئيس الاسبق عبد السلام محمد عارف، وكان ضمن أربعة ابناء لمحمد عارف البزاز أي / تاجر القماش/ في سوق حمادة بجانب الكرخ، أكبرهم عبد السميع ثم عبد الرحمن ثم عبد السلام واخيرا صباح.
ولد عبد الرحمن في بغداد/ الكرخ/ عام 1916 واصوله من قرية سميكة في محافظة الانبار وتعلم فيها ثم دخل الكلية العسكرية سنة 1936 ـ 1937 وتخرج فيها برتبة ملازم ثان واصبح آمرا لفوج فيصل المدرع من اللواء السادس في الفرقة المدرعة الرابعة بمعسكر الرشيد ثم آمرا للواء المدرع السادس وقائدا لسلاح المدرعات حتي وصل الي رتبة لواء عام 1964 وأخر منصب تولاه قبل ان ينتخب رئيسا للجمهورية عقب وفاة شقيقه في حادث سقوط المروحية في 13 نيسان (ابريل) عام 1966 وكيل رئيس اركان الجيش بالرغم من عدم حمله رتبة ركن.

انتسب الي حركة الضباط الاحرار عام 1957 بعد انضمام اخيه عبد السلام ثم اصبح عضوا في اللجنة العليا وهي الحركة التي ضمت العديد من الضباط العسكريين الذين شاركوا في ثورة 14 تموز (يوليو) 1958.
وقد احيل عبد الرحمن عارف علي التقاعد عام 1962 بعد ابعاد الزعيم عبد الكريم قاسم لشقيقه عبد السلام عن جميع المناصب التي كان يتولاها عقب الثورة كما ان قاسما كان لا يرتاح لوجود عبد الرحمن عارف في الجيش خوفا من اي محاولة انقلابية قد يشارك فيها. وعقب انقلاب 8 شباط (فبراير) 1963 اصبح قائدا للفرقة الخامسة وظل فيها حتي 18 كانون الاول (ديسمبر) 1963 حين اصبح رئيس الاركان وكالة، واستمر في هذ المنصب حتي 17 نيسان (ابريل) 1966 حيث انتخب رئيسا للجمهورية.

قبل مصرع شقيقه الرئيس عبد السلام سافر عبد الرحمن الي موسكو علي رأس وفد عسكري عراقي بدعوة من قيادة الاتحاد السوفييتي آنذاك الا انه قطع الزيارة وعاد الي بغداد ليشارك في تشييع شقيقه عبد السلام عارف عقب سقوط المروحية في منطقة النشوة بمحافظة ميسان في 13 نيسان (ابريل) 1966.

وفي يوم 17/6/1966 انتخب عبد الرحمن عارف رئيسا للجمهورية خلال اجتماع عقده مجلس الدفاع الوطني المشترك الذي يضم 12 من قادة الجيش العراقي و16 وزيرا برئاسة عبد الرحمن البزاز الذي تنازل في الجولة الثانية من الانتخابات لصالح عارف. ففي دورة الاقتراع الاولي لم يحظ عارف الا بـ 13 صوتا من اصل 28، وحصل رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز علي 14 صوتا، بينما ذهب الصوت المتبقي الي وزير الدفاع البالغ السادسة والاربعين من العمر، امير اللواء الركن عبد العزيز العقيلي وهو من محافظة الموصل، ولان الضباط تمسكوا بخيارهم الاول فقد سحب البزاز ترشيحه الامر الذي ضمن لعارف انتخابه.
كما اسهمت عدة عوامل في صعود عبد الرحمن عارف الي المنصب الاول في العراق، فقد كان ضابطا وكان شقيقا للرئيس الراحل وكان الاعضاء العسكريون في مجلس الدفاع الوطني يرغبون في تعيين شقيقه.

وفي يوم 17 /4/1966 صدر بيان مجلسي الوزراء والدفاع الوطني باعلان انتخاب اللواء عبد الرحمن عارف رئيسا للجمهورية جاء فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم، انتخب بالاجماع في هذا اليوم المصادف 27 ذي الحجة سنة 1385 هجرية الموافق 17 نيسان ـ ابريل 1966 اللواء عبد الرحمن محمد عارف في جلسة مشتركة عقدت حسب احكام المادة 55 من الدستور المؤقت رئيسا للجمهورية ولفترة انتقال الي حين انتخاب رئيس للجمهورية حسب ما ينص عليه الدستور الدائم علي ان لا تتجاوز تلك المدة سنة واحدة من تاريخ هذا اليوم).
وبعد انتخابه رئيسا للجمهورية جرت ترقيته الي رتبة فريق وذلك في تموز (يوليو) 1966 وكلف الرئيس الجديد عبد الرحمن البزاز بالاستمرار في رئاسة الحكومة وتشكيل وزارة جديدة استمرت حتي يوم السادس من آب (اغسطس) 1966 حين قدم البزاز استقالته وكلف الرئيس عارف السيد ناجي طالب بتشكيل وزارة جديدة والتي استمرت حتي يوم 3/5/1967 حين قدم ناجي طالب استقالته وقبلها عارف في الثامن من الشهر نفسه..
وفي 11 ايار (مايو) عام 1967 شكل عبد الرحمن عارف وزارة عراقية برئاسته ضمت الوزارة ثلاثة نواب لرئيس الوزراء هم كل من الفريق طاهر يحيي رئيس الوزراء الاسبق واللواء عبد الغني الراوي واللواء فؤاد عارف.


حكومة طاهر يحيي


وفي شهرآب (غسطس) 1967 كلف الرئيس عبد الرحمن عارف طاهر يحيي بتأليف الحكومة وتشكلت الوزارة الجديدة التي استمرت معه حتي سقوط عارف ويحيي في انقلاب 17 تموز(يوليو) 1968 الذي قام به حزب البعث بالتعاون مع المقدم عبد الرزاق النايف معاون مدير الاستخبارات العسكرية والعقيد ابراهيم الداوود قائد قوات الحرس الجمهوري. حيث أبعد في تلك الليلة عبد الرحمن عارف الي لندن ومنها استقر في استنبول بتركيا ولم يعد الي العراق الا بعد سنوات علي وجوده في المنفي.

الواقع ان عبد الرحمن عارف تصرف منذ مجيئه الي الحكم وخطه الموجه هو الحفاظ علي التوازن القائم بين القوي العسكرية الاخري، الا انه كان هناك فارق بين شخصيتي (العارفين) فكان عبد الرحمن اكثر بساطة واقرب الي القلب واقل عدوانية، من عبد السلام وكان عبد الرحمن كذلك بلا حدس سياسي ويفتقر الي الطاقة والدهاء والسلطة القوية لاتخاذ القرار وهي سمات تميز بها شقيقه، واكثر من هذا فانه لم يكن علي معرفة كعارف الاصغر بالشؤون العامة ولا كان مثله يحس بأقل تذبذب يطرأ علي حياة سلك الضباط، ولا كان يستطيع المناورة بمهارة بين المجموعات المتنافسة من الضباط.
وكان كثيرون يعتقدون انه غير ملائم للحكم علي الاطلاق. ولم يكن هو نفسه قد قاتل من اجل السلطة ولم يكن في الواقع مرتاحا في منصبه كرئيس دولة. وبالرغم من تلك الصفات الا ان العراقيين اعتبروا تلك الفترة من اخصب الفترات السياسية التي شهدها العراق خلال العهد الجمهوري أي منذ تموز (يوليو) 1958 حتي الان.


طيبة في الحكم


استلم عبد الرحمن عارف الحكم الذي لم يبلغ السنوات الثلاث اذ انه استلم السلطة في 17 نيسان (ابريل) 1966 وخرج منها بانقلاب عسكري في 17 تموز/يوليو 1968فقد كان لطيبته نتائجها، حيث اصبح الحكم في عهده العوبة في ايدي مجموعة من الضباط ونظرا لان هذه المجموعات لم تكن تختلف في ما بينها بالافكار الا شكليا وكانت تلتف حول اشخاص لهم مصالحهم الشخصية او انهم يستمدون منافعهم من املاءات اقليمية ضيقة، فقد انحطت السياسة علي اعلي المستويات الي صراعات اجنحة بلا موضوعات والاهم من هذا وقبله وهو ان القرارات الفعالة كانت تمر من خلال ايد اكثر قوة.

تميز الرئيس عارف بانه رجل طيب ومسالم الي ابعد حد ولا يشك احد بوطنيته واخلاصه فهو حسن النية الا انه يتأثر بالمحيطين به ويثق بهم، عادة يتبني رأي اخر من يقابله من العناصر التي كانت تحيط به وابرزهم الدكتور بديع شريف رئيس الديوان والعقيد ابراهيم عبد الرحمن الداوود آمر لواء الحرس الجمهوري والمقدم الركن عبد الرزاق النايف معاون مدير الاستخبارات العسكرية حيث وثق عارف بهذين الاخيرين ثقة مطلقة بعد وقوفهما الي جانبه في مواجهة حركة عارف عبد الرزاق الانقلابية.


الاستخبارات العسكرية


لقد تحولت مديرية الاستخبارات العسكرية الي قوة لا يستهان بها منذ تولي عبد الرحمن عارف رئاسة الجمهورية وبخاصة عقب فشل حركة عارف عبد الرزاق الثانية لطيبته وثقته المفرطة به، واستغل عبد الرزاق النايف معاون مدير الاستخبارات العسكرية هذه الثقة ابشع استغلال، فدأب علي تزويد رئيس الجمهورية باخبار ملفقة عن نشاط الضباط القوميين بعضها غير صحيح حيث انشأ عبد الرزاق النايف تنظيما اطلق عليه (الاشتراكيون العرب) ضم الوكلاء والمتعاونين مع مديرية الاستخبارات العسكرية، كما ضم عددا من العنصار المدنية امثال نزار بكر وتحسين السوز وفاروق البياتي ومحمد سالم وسامي فرج واصدر بضع نشرات ساهم في تحريرها واحد من اساتذة الاقتصاد في جامعة بغداد هاجمت بعض المسؤولين وطعنت في .

لقد ركب الغرور مجموعة الداوود- النايف وشجعها ضعف رئيس الجمهورية واستجابته لجميع الطلبات والمقترحات وثقته المطلقة بها وبدأوا يعملون لاقصاء عبد الرحمن عارف واحلال العقيد ابراهيم الداوود محله وجري الاتصال بصعب الحردان آمر الانضباط العسكري وغيره، وعهد الي العميد الركن فيصل شرهان العرس بمهمة التحقق من نوايا الداوود فزاره وتحدث معه، وقال له الداوود ومتباهيا لقد كان جمال عبد الناصر برتبة مقدم اما انا فعقيد.

وهكذا تنامت قوة الداوود - النايف وانضمت اليها عناصر بدافع العصبية العشائرية او طمعا في المكافأة عندما يتسلم مقاليد الحكم الذي بات قريبا ضباط وموظفون كبار واخيرا انضم للمجموعة الدكتور بديع شريف ورئيس الجمعيات الفلاحية ابراهيم الشلال، وبدأت تعاونها عناصر مشبوهة خارج القطر وداخله وكثرت سفرات النايف الي الخارج.

وكان ابرز دافع لمحاولتهم الانقلابية العفو الذي اصدره الرئيس عارف عن العميد الطيار عارف عبد الرزاق وجماعته، ففي 31/5/1967 اصدر الرئيس عبد الرحمن عارف أمرا بالافراج عن عارف عبد الرزاق الذي تزعم المحاولة الانقلابية الفاشلة الثانية في 30 حزيران (يونيو) 1966.
كما اصدر عارف أمرا آخر بتعيين عارف عبد الرزاق في قيادة القوة الجوية بالجبهة الشرقية مما اثار حفيظة آمر الحرس الجمهوري اللواء بشير الطالب والعقيد عبد الرحمن الداوود والمقدم عبد الرزاق النايف اذ خاطبوا الرئيس عارف قائلين ان اطلاق سراحهم خطأ كبير لانه من المحتمل ان يقودوا انقلابا آخر ويكتب له النجاح ويقوموا باعدامنا، الا ان الرئيس عارف لم يستجب لطلبهم، فاصدر أمرا بتعيين بشير الطالب ملحقا عسكريا في لبنان وحل محله ابراهيم الداوود آمرا للحرس الجمهوري الذي قرر بالتنسيق مع الطالب في بيروت والنايف التخلص من نظام عارف وهذا ما تم في 17 تموز (يوليو) 1968.


سياسة الرئيس عارف الخارجية


عمل عبد الرحمن عارف علي اقامة علاقات متوازنة مع الدول العربية والاسلامية وخاصة دول الجوار كتركيا وايران، فقد قام بزيارات لكل من سورية والاردن ومصر والكويت وكذلك قام بزيارة كل من انقرة وطهران في مسعي منه لتطوير العلاقات بين العراق والدول العربية وكذلك مع جارتيه انقرة وطهران وحل المشاكل المزمنة بينهما. كما ساند العمل الفدائي العربي علي اساس انه حق مشروع يدافع فيه الفلسطينيون عن ارضهم ووطنهم.

وقال في خطاب له: اننا نركز في علاقاتنا مع الدول الاسلامية التي آزرت قضية فلسطين واعتبرتها من قضاياها الاولي. واضاف: اننا نقدر موقف الدول الاشتراكية الصديقة وبصورة خاصة الاتحاد السوفييتي لموقفها في المحافل الدولية وخاصة في الامم المتحدة ولها منا اطيب الوقع في انفسنا لتأييدها التام للحق العربي ووقوفها الصريح ضد العدوان الاسرائيلي.


العلاقة مع الدول العربية


في التاسع من آب (اغسطس) 1967 قام الرئيس عارف بجولة عربية بدأها في سورية حيث استقبله هناك رئيس الدولة السورية آنذاك الدكتور نور الدين الاتاسي واجري عارف محادثات مع المسؤولين السوريين حول العلاقات بين البلدين وخاصة موضوع مشكلة مياه الفرات وحقوق العراق المكتسبة والتاريخية في حصته المائية وفق القوانين والقواعد الدولية التي تحكم مياه الانهار المشتركة خاصة عقب شروع سورية في انشاء (سد الطبقة) وقيام تركيا بانشاء سد كيبان وذلك خوفا من ان يلحق الضرر بالمزارعين العراقيين واكثرهم من الفلاحين في المنطقة الجنوبية من العراق الذين يزرعون الرز (الشلب).

كما بحث الرئيس عارف في دمشق قضايا عسكرية حيث وافق الرئيس عارف بناء علي طلب المسؤولين السوريين علي ارسال لواء عراقي الي سورية بعد ان تم الاتفاق علي طبيعة مهمته ومكان اسكانه واعاشته وغيرها من الامور المتعلقة الاخري.

وقد التقي الرئيس عبد الرحمن عارف خلال وجوده في دمشق بعدد من العراقيين اللاجئين في سورية وبحث مشاكلهم وكان بينهم عدد من العسكريين.

ومن دمشق توجه الرئيس عارف الي المملكة الاردنية الهاشمية حيث وصلها يوم 12 آب (اغسطس) 1967 واجري مفاوضات مع العاهل الاردني الراحل الملك حسين بحضور الامير الحسن ورئيس الوزراء الاردني ووزير خارجيته اكرم زعيتر اضافة الي قائد الجيش الاردني.

فيما انضم الي الوفد العراقي العميد الركن محمود عريم قائد الفرقة الثالثة المرابطة في

وتحدث الرئيس عارف مشيدا بدور الاردن ووعد بتقديم كتيبة دبابات (سنتريون) هدية الي الجيش الاردني فقد تخلي الجيش العراقي عنها وحلت محلها دبابات روسية، كما اهدي للملك حسين قلادة الرافدين فيما اهدي الملك حسين بدوره للرئيس عارف ارفع وسام كما منح الوفد العراقي اوسمة عسكرية ومدنية.

وفي اليوم التالي زار الرئيس عارف القطعات العسكرية العراقية في منطقة المفرق كما تفقد الجبهة الاردنية مع اسرائيل

وفي الرابع من حزيران (يونيو) 1966 زار العراق امير الكويت الشيخ صباح السالم الصباح تلبية لدعوة من الرئيس العراقي عبد الرحمن عارف تم خلالها بحث تطوير العلاقات بين البلدين وموضوع تزويد الكويت بمياه الشرب من شط العرب.


الموقف من القضية الفلسطينية


كان عبد الرحمن عارف يري في القضية الفلسطينية القضية المركزية ففي كلمة له لمناسبة الاحتفال بيوم جيش التحرير الفلسطيني في 10/9/1966 قال ( ان دولة اسرائيل دويلة مقحمة في بلادنا وليس لها كيان او وجود في هذا المكان المقدس الذي هو جزء مهم من طبيعة وطننا العربي ولا يمكن ان نستغني عنه ولن نتراجع امام القوي ولن يثنينا عن الوصول الي حقنا اي ضغط مهما كان مصدره، ووجود اسرائيل مبعث الاضطراب والقلق في الشرق العربي ولن يستريح شرقنا العربي الا بترابط اجزائه وفلسطين المغتصبة تشكل العمود الفقري بين اسيا العربية وافريقيا العربية وقد وضعها الاستعمار في هذا الجزء لقصم العمود الفقري.

وخاطب عارف الفلسطينيين قائلا: (إن عليكم واجبا ثقيلا وعظيما ولن تستطيعوا اداءه الا بتعبئة انفسكم بالعلم والتدريب والتضحية والتواضع بعضكم لبعض وهي صفات اسلافنا الذين علموا العالم دروسا في الفتح ودروسا في مقارعة الخصم والتغلب عليه

وفي الكلمة التي القاها الرئيس عارف بالذكري الثامنة عشرة لاغتصاب فلسطين وذلك في 15/5/1966 قال لقد سلب المستعمر فلسطين، هذه البقعة المباركة من وطننا العربي الكبير وشرد اهلها وتركهم في العراء يعانون الفقر والجهل والمرض وينتشرون في ارجاء العالم بلا وطن.

واضاف ( لقد ذبح اليهود ابناء البلاد ودمروا قري بكاملها ومذبحة دير ياسين من اقسي ما شهده القرن العشرون) وقال (لقد اقرت هيئة الامم المتحدة حق اعادة ابناء فلسطين الي وطنهم الشرعي ولكن الصهيونية العالمية ومن ورائها الاستعمار لم تلتفت الي هذا القرار واستمرت علي هذا الاغتصاب.

ودعا الرئيس عارف الشعب العربي الي الجهاد لاسترجاع البقعة المقدسة وقال (لقد اضاع الاهمال فلسطين واضاعتها الغفلة وعدم حساب الخطر المنتظر فعلينا ان نفتح عيوننا علي ما يحيط بنا من الاخطار وما تخططه الصهيونية العالمية ونأخذ دروسا وعبرا من الماضي ونعبيء انفسنا تعبئة علمية وننكر ذاتنا ونوحد جهودنا ونقف موقفا حازما امام اخطار الاستعمار، وان علينا ان نوحد صفوفنا ونعمل يدا واحدة فان الوحدة الوطنية في كل قطر عربي لبنة في بناء وحدتنا الشاملة الكبري وان فلسطين لا تعيدها الاقوال ولا تنفعها الخطب.


سياسة عارف الداخلية


اكد الرئيس عبد الرحمن عارف سياسة العراق الداخلية وقال في خطاب القاه في الذكري العاشرة لثورة 14 تموز (ان سياستنا الداخلية تستند الي توحيد قوي الشعب في وحدة وطنية متماسكة من الشمال الي الجنوب وتقوية الوعي والشعور الوطني في نفوس ابناء الشعب وتنظيم هذه القوي في نظام موحد هو الاتحاد الاشتراكي الذي هو لكل ابناء الشعب، فاننا مللنا التكتلات السياسية التي تؤمن بمباديء وافدة جرت علي العراق الويلات وجربها كثيرا فكانت تجربتنا قاسية.

كان الرئيس عارف يؤكد دائما ان تكون الوظائف للمقتدر والكفوء وليس بسبب القرابة والامور الاخري، ودعاهم للانفتاح علي المواطنين دون استثناء ولا تمييز في كون هذا ابن ذوات ولا ذلك من الكتلة الفلانية او المجموعة الفلانية

ودعا عارف الي التوافق بين سكان العراق وخاصة بين ابناء القوميتين العربية والكردية.


الانتخابات والديمقراطية


عقب الانقلاب الذي قاده عبد السلام عارف في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 1963 وعد الشعب العراقي بعد تسلمه السلطة بان يقيم في العراق حكما ديمقراطيا واجراء انتخابات نيابية بعد فترة الانتقال التي لا تزيد عن ثلاث سنوات.

واراد شقيقه الرئيس عبد الرحمن عارف ان يحافظ علي ذلك الوعد فأعلن يوم 2/2/1967 مشروع قانون الانتخابات وطرحه علي المواطنين العراقيين لمناقشته قبل اقراره واصداره كقانون وذلك بعد تسع سنوات من الحكم العسكري الذي كان قائما بالقوة. واكد ذلك في حديث صحافي له نشرته صحيفة الجمهورية في 23/10/1966 قائلا: كانت الحكومة قد اعدت مشروع قانون الانتخاب وما زال رهن الدراسة والمناقشة من اللجنة الخاصة التي شكلت لهذا الغرض.

وفي عهد الرئيس عارف عاد الي العراق المقدم الطيار منذر الونداوي قائد الحرس القومي في العراق الذي كان لاجئا في سورية بعد ان التقي الرئيس عارف اثناء زيارته لسورية عقب عدوان الخامس من حزيران (يونيو) 1967 كما اغلق الرئيس عارف الدعاوي المقامة ضد عدد من السياسيين العراقيين المقيمين خارج العراق من بينهم علي صالح السعدي نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية في سلطة البعث الاولي 1963 وحردان التكريتي قائد القوة الجوية وحميد خلخال وزير العمل والشؤون الاجتماعية والدكتور مسارع الراوي وزير الثقافة والارشاد وهاني الفكيكي عضو القيادة القطرية لحزب البعث اضافة الي بهجت شاكر وعمار علوش.

لقد كان عهد عبد الرحمن عارف من اخصب العهود التي شهدها العراق منذ ثورة 1958 حتي الان، باعتراف خصومه وليس مؤيديه فحسب.
فقد اعترف الزعيم الشيوعي العراقي عزيز الحاج في مذكراته ( شهادة للتاريخ) قائلا ان الحكم العارفي الثاني لم يكن شديد القمعية والبطش وكان في الجو قدر من ليبرالية لم نثمنها جميعا في حينها وقد تجلي ذلك بوجه خاص في احتلال الشيوعيين السابقين والماركسيين وبعض اليساريين الاخرين الخارجين للتو من سجون البعث ومعتقلاته مراكز صحافية وثقافية هامة ولم تكن السلطة تشدد قبضتها علي وسائل الاعلام والصحافة كما فعل البعث.
ان كل ما فعلته قيادة الحزب الشيوعي كان خطأ فضغطنا لرفع شعار اسقاط عارف عام 1966 كان خاطئا اذ ان الحكم اضطر للقيام بعدد من الاجراءات الجيدة. لقد جاء عبد الرحمن عارف في انتخاب ضيق من النخبة العسكرية وليس توريثا له بوصية وان لعبد الرحمن عارف الفضل في تأمين حريات جزئية وجو اقرب الي الانفلاج المحدود في مجال الحرية والثقافة.


شهدت المنطقة العربية وخاصة العراق منتصف الستينات تحولات سياسية كبيرة وخاصة في عهد الرئيس الاسبق عبد الرحمن عارف وبوجود رئيسي الوزراء عبد الرحمن البزاز والفريق طاهر يحيي الذي يعتبر من اخصب العهود في تاريخ العهد الجمهوري في العراق حيث اجري انفتاحا علي الدول .
كما شهدت الساحة العراقية تطورات سياسية جديدة نحو مزيد من الديمقراطية اذ جرت عدة لقاءات بين قادة الاحزاب لبحث مستقبل العراق او المشاركة في اتخاذ القرارات كما كان يرغب الرئيس عارف شخصيا من القوي السياسية المدنية والعسكرية غير المستندة الي اي تنظيم حزبي فرصة لتجميع صفوفها وبناء دولة ديمقراطية، بل أمر باطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين كما اجتمع في 1/4/1968 في القصر الجمهوري مع مجموعة من الزعماء السياسيين العراقيين وبحث معهم الاوضاع العراقية والعربية في محاولة للوصول الي اتفاق شامل حول مجمل الامور السياسية والاقتصادية، وتطرق المجتمعون الي مسألة تشكيل حكومة جديدة ومجلس تشريعي جديد وتمديد فترة الانتقال لمدة عامين اخريين. وقد اعتبرت الاوساط المطلعة هذا اللقاء نقطة تحول في علاقة .العناصرالسياسية العراقية مع السلطة وعلاقة بعضها ببعض حيث اعتبر الاول من نوعه الذي تتفق فيه هذه العناصر الوطنية التي تمثل قوي حزبية ومستقلة وعقائدية علي موقف موحد.


سياسة الرئيس عارف تجاه القضية الكردية


ابدي الرئيس عبد الرحمن عارف اهتماما كبيرا بالقضية الكردية وكان يركز دائما علي الاخطاء السياسية التي رافقتها وقد اكد ذلك في حديثه لصحيفة الجمهورية البغدادية في 23/10/1966 قائلا (ان قضية الشمال هي نتيجة اخطاء سياسية وافدة، وان اخواننا الاكراد لم يفكروا مطلقا بالابتعاد او الانفصال عن اخوانهم العرب وانما الظروف وسوء الادارة السابقة ادت الي تراكم الاخطاء والتوتر

واضاف:
(وقد شعر اليوم اخواننا الاكراد ان هذا الاقتتال لم يكن في مصلحة العراق وانما هو لمصلحة الاجنبي ولقد مر علي هذه الاخطاء خمس سنوات لا يمكن اصلاحها في فترة قصيرة وانما نحتاج الي زمن يشعر فيه الطرف الاخر بضرورة التفاهم والوفاق مع اخوانهم العراقيين العرب ليكونوا قوة صادة في وجه مطامع الاجنبي.

وقال (اما اليوم فان جميع اخواننا الاكراد في الجبل او السهل او المدن اصبحوا علي ثقة من ان الواجب عليهم ان يكونوا يدا واحدة وقلبا واحدا لان هناك روابط عميقة ووثيقة تشد بعضنا ببعض وتؤدي الي وحدة وطنية قوية.

فقد ابدي الرئيس عبد الرحمن عارف اهتماما كبيرا بحل القضية الكردية، كما سعي رئيس وزرائه عبد الرحمن البزاز هو الاخر جاهدا للتوصل الي صيغة لحل المشكلة الكردية ترضي الطرفين وجرت اتصالات بين الحكومة المركزية وبين القوي الكردية بزعامة الملا مصطفي البارزاني اسفرت اخيرا عن صدور بيان 29 حزيران (يونيو) 1966 الذي يتضمن حلا للقضية الكردية ويخلق جوا من الوئام ويقوي من الوحدة الوطنية العراقية ويضع حدا للاقتتال والمآسي للشعب العراقي.

وبعد ثلاثة ايام من عرض رئيس وزرائه عبد الرحمن البزاز لحل القضية الكردية الذي تجسد في بيان 29 حزيران (يونيو)، استقبل الرئيس العراقي عبد الرحمن محمد عارف وفدا كرديا برئاسة الملا مصطفي البرزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني يضم كلا من حبيب محمد كريم وعلي عبد الله ونافذ جلال وصالح اليوسفي .

وقد اعرب الوفد الكردي عن قبوله لعرض السلام الذي تقدمت به حكومة البزاز لانهاء الحرب القائمة آنذاك.

محاولة عارف عبد الرزاق الانقلابية الثانية


كانت البلاد تنتظر ترجمة بيان 29 حزيران (يونيو) 1966 الخاص بحل القضية الكردية الذي اعلنه عبد الرحمن البزاز رئيس الحكومة في عهد الرئيس عبد الرحمن عارف بخصوص حل المشكلة الكردية لكنها فوجئت في اليوم التالي 30حزيران (يونيو) 1966 بمحاولة انقلابية قام بها عميد الجو عارف عبد الرزاق وعدد من اعوانه.

وبسرعة تم القضاء علي المحاولة الانقلابية الثانية وتم اعتقال عارف عبد الرزاق في مطار الموصل عندما القي اثنان من قادة الفرقة الرابعة القبض عليه وعلي من معه دون اراقة دماء وذلك بقطع التيار الكهربائي عن المنطقة كما توقفت الاذاعة في منطقة الصالحة ببغداد نتيجة انقطاع التيار الكهربائي بسبب القصف الذي تعرضت له الاسلاك الكهربائية من قبل طائرات الانقلابيين الذي ادي كذلك الي تدمير واجهة المبني ايضا.

وقد واجه الرئيس عبد الرحمن عارف في مكتبه بالقصر الجمهوري اللواء عارف عبد الرزاق والثمانية الضباط الذين القي القبض عليهم معه في الموصل حيث انطلقوا من هناك في محاولتهم الانقلابية الفاشلة الثانية بعد ان نزعت الرتب العسكرية .


سياسة الرئيس عارف النفطية


حرص الرئيس عبد الرحمن عارف ورئيس حكومته الفريق يحيي علي استثمار الثروة النفطية وغيرها في العراق استثمارا مباشرا، ففي اول تصريح له بعد تشكيل الحكومة اعلن الفريق يحيي ان حكومته مستعدة لتعبئة جميع الطاقات البشرية والموارد لاستعادة الحق العربي وازالة آثار العدوان.
واشترط في تصدير النفط الي كل من تركيا وفرنسا واسبانيا تقديم ضمانات للحيلولة دون تسربه الي أي من الدول المعادية للعرب أي الدول التي ساعدت اسرائيل في عدوانها علي العرب عام 1967 .

وفي بداية شباط (فبراير) 1968 قام الرئيس العراقي عبد الرحمن عارف بزيارة لفرنسا اجري خلالها مباحثات مع الرئيس الفرنسي شارل ديغول ورئيس وزرائه جورج بومبيدو حول تطوير العلاقات بين البلدين. واثناء زيـــــارة الرئيس عارف لباريس هاجم اسرائيل اثناء الاحتفاء به فـــــي قاعة المجلس البلدي مما اثار غضـــب العناصر الصهـــيونية هناك.

وقد صدر عن تلك الزيارة بيان مشترك اكد علي تنمية التعاون بين البلدين وخاصة في مجال النفط واستثماره اضافة الي اهتمام فرنسا بتنفيذ خطة التنمية العراقية الهادفة الي استخدام الموارد الطبيعية في العراق بصورة افضل كما عبرت فرنسا عن رغبتها في المشاركة مع المؤسسات الاقتصادية الفرنسية لتحقيق هذه الخطة، وان تضع فرنسا تحت تصرف العراق اساتذة وخبراء فرنسيين في مختلف الحقول، كما تدارس الرئيسان عارف وديغول الامور العسكرية وقضية فلسطين والنزاع العربي - الاسرائيلي واكدا انه لن يكون هناك حل دون انسحاب اسرائـــيل من الاراضي العربية التي احتلتها.

هذا اضافة الي الاجراءات الاقتصادية التي اتخذتها حكومة الرئيس عارف باستثمار واستغلال الموارد والثروات العراقية بأيد وطنية واصدرت القانون رقم 97 الذي أعاد الي شركة النفط الوطنية العراقية جميع الاراضي المنتزعة من الاي بي سي (الشركة البريطانية) واعطت لشركة النفط الوطنية احقية استثمار المناطق الغنية بالبترول اي انه جاء متمما للقانون رقم 80 الذي اصدره الزعيم عبد الكريم قاسم سنة 1961 القاضي باسترجاع 99 بالمئة من اراضي امتياز شركة نفط العراق التي تملكها مصالح بريطانية وامريكية وفرنسية والشركات المتفرعة عنها وتم تحويل كل حقوق الاستثمار في منطقة الرميلة الشمالية الغنية بالنفط الي شركة النفط الوطنية العراقية التي تمتلكها الدولة كما منح حكم عارف شركة النفط الفرنسية - ايراب - التابعة للدولة الفرنسية عقدا للتنقيب عن النفط واستخراجه ضمن مساحة تبلغ 10800 كيلومتر مربع تقع في وسط العراق وجنوبه.

كما قام وفد من وزارة الدفاع العراقية برئاسة اللواء حسن صبري محمد علي مساعد رئيس اركان الجيش للتباحث حول امكانية تزويد العراق بالاسلحة وخاصة طائرات الميراج الفرنسية حيث طلب العراق خمسين طائرة ميراج مقاتلة و15 ميراج واحد وميراج 3 وثماني طائرات نور لنقل الجنود واربع طائرات تدريب و150 مصفحة.


احتجاجات وتحركات غربية وامريكية


وقد ادت هذه التحولات السياسية والاقتصادية الي انزعاج الادارة الامريكية والحكومة البريطانية فارسلت واشنطن احتجاجا رسميا الي الحكومة الفرنسية محذرة من عقد اتفاقية بترولية مع الحكومة العراقية.
اما لندن وامستردام فقد اكتفتا بالتعبير عن اهتمامهما الشديد كما أفهمتا حكومة يحيي انهما مستعدتان لانزال مظليين عند اللزوم في المناطق المنتجة للبترول لتمنع اعطاء تنازلات لايراب الفرنسية.
وهددت الاي بي سي باللجوء الي الطريقة التي قالت انها اثبتت فاعليتها في ايران عندما اقدم الدكتور مصدق علي تأميم البترول كما هددت الاي بي سي بفرض المصادرة الاحتياطية علي كل حمولة تنقل من منابع الرميلة الشمالي والتي تعتبر ان لها عليها حق الاولوية. وقد اعتبرت الشركات الاحتكارية القانون رقم 97 ضربة كبري لها ولاحتكاراتها في العراق.

وفي 4/11/1967 وصل الي بغداد روبرت اندرسون وزير المالية في حكومة الرئيس ايزنهاور كممثل لمجموعة شركات اعمال امريكية في مهمة للبحث في استثمار حقول الكبريت في العراق واجري خلال وجوده في بغداد لمدة شهر محادثات اقتصادية مع المسؤولين في حكومة الفريق يحيي لتمويل مشروع استثمار الكبريت في العراق ضمن خمس شركات اجنبية قدمت عروضا لاستثمار حقول كبريت المشراق شمال العراق، الا ان الفريق يحيي رفض مقابلته بالرغم من توسطاته الكثيرة حتي عند رئيس الجمهورية عبد الرحمن عارف الذي خاطب الفريق يحيي قائلا بالحرف الواحد (ابو زهير الله يخليك استقبله لان الامريكان والانكليز سوف يطردوننا من الحكم ركلا) ومع ذلك اصر يحيي علي عدم استقباله، كما رفض يحيي استقبال السيد مورفي نائب وزير الخارجية الامريكي الذي زار العراق طالبا استثمار حقل كبريت المشراق من قبل الشركات الامريكية.
وقال الفريق يحيي: نحن اعطينا كلاما للبولونيين لاستثمار الكبريت ونحن نحترم العقود والمواثيق. ومنذ ذلك الوقت حنق مورفي حنقا كبيرا وبدأت منذ ذلك الوقت ايضا محاولات اسقاط حكومة يحيي بل وحكم عبد الرحمن عارف ايضا.

وفي مقابلة اجرتها صحيفة الاخبار القاهرية مع الرئيس عبد الرحمن عارف في 9/7/1968 قال عارف ان هناك مؤامرة ضد العراق لتغيير وجهه العربي. واتهم عارف جهات اجنبية بالوقوف وراءها. وفي خطاب له في الذكري العاشرة لثورة 14 تموز (يوليو) القي الفريق طاهر يحيي رئيس الوزراء خطابا قال فيه ان الخطر نابع من البيت الابيض والشركات التي تريد السطو علي خيرات الشعوب

بحسب جلال الطالباني 16/11/1998 الذي قال (كانت مجموعة الضباط تخطط للقيام بمحاولة انقلابية ومن هؤلاء عبد الرزاق النايف وابراهيم الداوود وبشير الطالب والاخير كان قد اجري لقاءات في بيروت مع الملحقين العسكريين البريطاني والامريكي والايراني الذين قرروا الاتصال بمجموعة عبد الرزاق النايف والداوود للقيام بانقلاب في العراق وهو ما اخافنا من تعامل هذه المجموعة. وذهبت الي الرئيس عبد الرحمن عارف وابلغته بما يجري فقال لي : اصحابك الناصريون اخبروك بذلك. قلت سيادة الرئيس هذه معلوماتي.
قال: استدعيت ابراهيم الداوود وسعدون غيدان وعبد الرزاق النايف وحلفوا بالقرآن انهم لن يتآمروا علي. وان حجبه امتياز الكبريت عن شركة - بان امريكان- شكل بندا آخر سجلوه علي حسابه وفي النهاية وجدوا في النايف الرجل الذي يحتاجون اليه فاشتروه بواسطة بشير الطالب الملحق العسكري في بيروت والقائد السابق للحرس الجمهوري وناصر الحاني السفير العراقي في لبنان).

وكانت الصحف الفرنسية قد ذكرت في مقالات لها عقب توقيع الاتفاق النفطي العراقي - الفرنسي ان هناك حركات انقلابية تعد العدة ضد نظام حكم عارف والي موجات استياء في صفوف العسكر.

وقالت مصادر صحافية ان سفير احدي الدول العربية قابل الرئيس عارف وابلغه ان في الجو رائحة انقلاب فجمع عارف رؤساء مصالح الاستخبارات والحرس الجـــمهوري وابلغهم المعلومات وكان الجواب الموحد- ماكو صحة. وتضيف الحياة ولم يكن ذلك غريبا اذا صدقت الرواية اذ ان اكثر الذين اجتمع بهم عارف كانوا من الانقلابيين ومن شركاء الانقلابيين.


حركة 17 تموز 1968


في 17 تموز(يوليو) 1968 استهل راديو بغداد اذاعته في ساعة مبكرة من صباح ذلك اليوم ليعلن عن وقوع انقلاب عسكري اطاح بالرئيس عبد الرحمن عارف وحكومة الفريق طاهر يحيي واعلن عن تشكيل مجلس قيادة الثورة وتسليم مقاليد الامور في البلاد ووصف الانقلاب بانه ثورة بيضاء.
اللواء بشير الطالب وصل الي بغداد مساء يوم الانقلاب بعد ان استدعاه قادة الحركة الانقلابية وذلك تمهيدا لاشراكه في الحركة الانقلابية. اما السفير الدكتور ناصر الحاني فكان قد غادر بيروت الي بغداد قبل يوم واحد من الحركة حيث شغل منصب وزير الخارجية في حكومة عبد الرزاق النايف.

الصحافي الفرنسي اريك رولو كتب في صحيفة لوموند الباريسية في 9و10 /10/1969 تحليلا للاوضاع قبل العملية الانقلابية في 17 تموز (يوليو) 1968 جاء فيه (ان الجنرال عارف قد اطاحت به الاحتكارات البترولية الاي بي سي ووكالة المخابرات المركزية الامريكية.

واضاف رولو (ويقال ان دولا اجنبية قد راهنت ايضا علي اسقاط الجنرال عارف وان واشنطن هي التي تغذي فكرة الحركة التي تأخذ شكل انقلاب صاعق وربما اسفرت عنه سلسلة من الضغوط تمارسها الشركات البترولية والاوساط البرجوازية في العراق).
واستطــــرد رولو قائلا( كان العقيد بشير الطالب يعد تقارير مستقاة من زملائه في السفارات الاجنبية وكذلك من الاوساط المحـــافظة للاجئين العراقيين الذين كانوا بدورهم يغذون الصحف اللبنانية بمعلومات صحيحة او مغلوطة ماسة بنظام عارف. ويقول رولو (وكان الهدف الرئيسي للحملة الاتفاق الذي ابرم في تشرين الثاني ـ نوفمبر 1967 بين الشركة الفرنسية - ايراب - والشركة الوطنية العراقية.


ليست هناك تعليقات: