آخر المقالات

الجمعة، 27 يوليو 2007

سيرة الامير بندر بن سلطان



منقول من القدس العربي




بن سلطان وسيرة الامير الاكثر غموضا في العالم

دعم الجيش التشادي ضد القوات الليبية وعندما قال بندر للقذافي: نحن من قال لك كش ملك في اوزوصحح لغورباتشوف ارقامه قائلا: ننفق كل عام في افغانستان 500 مليون. نخسر المال اما انتم فتخسرن ارواح جنودكم



الامير بندر بن سلطان في عين العاصفة منذ ان بدأت صحف بريطانية تتحدث عن دوره في صفقة اليمامة، ومنذ ان تحدثت عن تلقيه عمولة تصل الي مليار دولار امريكي. وهو لم يعد يختفي من عناوين الصحف مع انه لم يظهر كثيرا.
وبندر هو استاذ دبلوماسية الكواليس وفنان عقد الصفقات منحه الله قدرة علي الاقناع، وهو من بين الامراء السعوديين وما اكثرهم كان قادرا علي السفر بين الثقافات. واندمج بشكل طبيعي عندما كان طالبا في مدرسة الطيران في بريطانيا في الحياة الاجتماعية.
كان حلمه ان يكون طيارا ولكنه اصبح اكثر سفير مؤثر في الحلقات السياسية الامريكية. وعايش اكثر من ادارة امريكية. ولاهميته خصص له بوب ودوورد مؤرخ حروب بوش وصاحب ثلاثية حروب بوش، خطة حرب وحالة فصلا كاملا بل ان كتاب حالة انكار يفتتح بفصل عن دور بندر في ادارة بوش وحرب العراق.
بندر كان من اقنع عمه الملك الراحل فهد ودفعه لاتخاذ قرار استقبال القوات الامريكية بعد غزو صدام للكويت عام 1989. وقام بمهام دبلوماسية في الصين نيابة عن الادارة الامريكية. وكان وراء تأمين اقرار مشروع قناة بنما عندما اقنع السناتور الامريكي من اصل عربي جيمس ابو رزق لمنح صوته للادراة خاصة انها كانت بحاجة لصوت واحد لتمرير القانون.
بندر بن سلطان لمن يعرفه يحيط نفسه بمجموعة من الاصدقاء ويتحرك مثل امير عربي يوزع كرمه علي من يحيط به. اقام علاقة قوية مع مارغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة ونال اعجابها في اول لقاء معها. صديق الزعماء والملوك يعتز بأن من دائرة اصدقائه الزعيم المعروف نلسون مانديلا. وبندر يظل بالنسبة للكثيرين لغزا.
وهو عنوان استخدمه كاتب سيرته الرسمية ويليام سيمبسون الذي يتساءل في بداية كتابه الامير: القصة السرية لاكثر امير ملغز في العالم: الامير بندر بن سلطان الصادر عن دار ريغان واحدة من فروع دار نشر هارير كوليز عام 2006 حيث يتساءل قائلا: تساءلت عندما بدأت الكتاب كيف سأصور بندر بدقة، رجل في جوهره يظل لغزا.
هل هو رجل سلام كما وصفه نيلسون مانديلا، رجل مبادئ، ضمير، واخلاقية تصحيحية؟ او يصلح عليه وصف ميكيافيللي في كتابه الامير مفرغ من الاخلاق، يحكم بناء علي المنفعة، يعتمد الحيل، خائن لا اخلاق عنده في القول والعمل.. ورجل ينظر اليه علي انه سرع خطوات جورج بوش للقيام بضربة استباقية واجتياح العراق؟
هذه قراءة لأهم محاور الكتاب.لعب الامير بندر اكثر من دور ومهمة خلال عمله في واشنطن والحديث عن المهام التي قام بها يقتضي العودة الي تاريخ العقدين الاخيرين من القرن الماضي فمن لبنان الي العراق وافغانستان وحتي حرب الخليح الاخيرة ترك بندر بصماته علي الاحداث وكان عاملا مهما في تشكيلها وكان بمثابة المبعوث الخاص للملك فهد لمناطق النزاعات، وتراوحت ادواره بين السرية والعلنية.
ولعل حرب الحدود التي اندلعت بين ليبيا وتشاد تلخص الدور السعودي وطبيعة مهام بندر فيها بالتساوق مع الموقف الامريكي، ففي البداية حقق الجيش الليبي انتصارا علي القوات التشادية الهزيلة العتاد، عندما بدأت الحرب عام 1980. وعاودت مرة اخري في عام 1983 ولان الولايات المتحدة لم تكن مرتاحة من النظام الليبي والذي وان لم يكن حليفا للروس فقد زاد من مخاوف امريكا وحلفائها العرب ارتباط النظام الليبي بعدد من المنظمات والعمليات في عدد من العواصم الغربية، من برلين الي اثينا وروما، وما اثار قلق السعوديين هو العثور علي متفجرات في حقيبة حاج ليبي.
ولكن الاهم في الموقف السعودي هو ان ليبيا وقعت اتفاقيات تعاون مع اثيوبيا واليمن الجنوبي. وكلا الدولتين بنظامهما الشيوعي يمثلان خطرا علي النظام السعودي. وما كان يثير مخاوف السعوديين هو ان ثمة هجوماً علي ليببا كان كفيلا بتحويل الزعيم الليبي الي بطل قومي.
ومن هنا عندما اتصلت المخابرات الامريكية ببندر من اجل تمويل خطة سرية ضد الليبيين في تشاد، وهي الخطة التي صممها كل من الكسندر هيغ، وزير الخارجية وويليام كيسي، مدير سي اي ايه. ومن خلال الدعم السعودي تم تعزيز مستوي القوات التشادية اضافة الي استقدام المرتزقة من الخارج. وقدمت السعودية مبلغ 10 ملايين للعملية.
ويقول الكاتب نقلا عن احد مقربي بندر كيف كان الاخير يستمتع بحكاية المفاجأة التي تعرض لها الجيش الليبي الذي واجه مقاومة شرسة من جيش ضعيف واقل مستوي من ناحية التدريب والتمويل. كما ونقل بوب وودورد عن كيسي قوله ان المغامرة الليبية في تشاد كانت كعب اخيل للقذافي .
ويقول الكاتب هنا ان الامريكيين اخذوا علي عاتقهم الجزء العسكري من العملية حيث ساعدوا القوات التشادية من الجو وعبر طلعات جوية قامت فيها الطائرات الامريكية بخرق المجال الجوي الليبي والتي تم تنسيقها من خلال الاسطول البحري الامريكي السادس الذي كان مرابطا امام خليج سرت الليبي.
ويقول بندر ان الهدف كان تمريغ وادماء انف القذافي الذي اجبر علي سحب قواته بعد التدخل الامريكي. في اثناء المحادثات التي شارك فيها بندر لتسوية ملف لوكربي وفي جلسة فتح فيها القذافي ملف حرب النزاع علي اقليم اوزو وكيف افتخر القذافي باداء جيشه، عندها كشف له الامير سر العملية حيث قال له حيث اننا صريحون مع بعضنا البعض فقد كانت تشاد هي طفلتنا.
كنا فيها ونحن الذين قلنا لك كش ملك . يعتقد الكاتب ان احدي العوامل التي لعبت في تزايد دور بندر في عهد ادارة ريغان هي قدرته علي بناء علاقات صداقة بطريقة سريعة. ومن هنا جاء دوره وعلاقته القريبة مع مارغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة .
وقصة اضخم صفقة اسلحة في التاريخ اليمامة ولان صفقات الاسلحة للسعودية كانت دائما تصطدم بمعوقات من الكونغرس ومن اللوبي اليهودي المؤثر فقد اخذت السعودية تبحث عن مصادر جديدة لشراء الاسلحة.
وفي لقاء بين الملك فهد وريغان شباط (فبراير) 1985 اخبر ريغان الملك فهد انه لم يكن قادرا علي تأمين حزمة سلاح للسعودية وتمريرها في الكونغرس. وكان رد الملك فهد علي ما قاله ريغان انه يدعم وجهة نظره خاصة ان ريغان قال انه مستعد لطرح الحزمة علي الكونغرس مرة اخري الا انه متيقن من رفضها.
ولكن الملك فهد اضاف قائلا انه لا يريد ان يعرض الرئيس للاحراج قائلا انه نفسه سيشعر بالاحراج. واصل الملك فهد قائلا لو كنت مكاني ايها الرئيس ماذا ستفعل؟ . فرد ريغان سريعا انه سيبحث عن مكان اخر لشراء الاسلحة. ومن خلال هذا الجواب حصل الملك فهد علي موافقة ريغان لكي يفتش عن مكان آخر خارج امريكا.
فبعد ان صار واضحا ان امريكا لن تكون قادرة علي بيع الي السعودية طائرات افـ 15 صار الطريق مفتوحا امام السعودية للبحث عن مصادر اخري في فرنسا ( ميراج) وبريطانيا ( تورتادو). وهنا جاءت مهمة بندر في لندن حيث التقي مع تاتشر وكان رد فعلها الاول اريد الصفقة اريدها ان تكون بريطانية.
اريد تشغيل مصانعي ومن اجل التأكد من ان امريكا لا تريد تزويد السعودية بطائرات افـ 15 سألت بندر ان كان متأكدا، اجاب بأنه متأكد من الموقف الامريكي، واضاف ان كان بامكانها المساعدة هنا قالت انها ستساعد في تمرير الصفقة طالما ظل الامر سريا وقامت بنفسها باخبار (روني) كما كانت تخاطب صديقها ريغان وقالت انها ستخبره انها ستذهب بنفسها للكونغرس وتقدم الحزمة له ومن اجل القيام بلوبي لبيع الطائرات للسعودية واخبارهم ان رفضهم بيع السعودية السلاح يعني ان تذهب لروسيا.
ويتذكر بندر ان الكونغرس لم يكن مطلعا علي الطريقة الذكية التي تمت فيها صياغة وترتيب الحيلة بينه وبين تاتشر. وبهذا ولدت صفقة اليمامة التي تقدر بالملايين ولكن بندر الذي صمم نظام الصفقة ورعاها تساءل عن موقف الكونغرس الرافض بيع سلاح للسعودية بحجة حماية اسرائيل، فكيف اذن تمت حماية اسرائيل عندما ذهبت السعودية الي بريطانيا واشترت اسلحة بمئات الملايين من الجنيهات. ولم يكن يتلقي اجابة غير ارضاء ايباك واللوبي اليهودي.
.نهاية حرب افغانستان
مع نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي كان بندر يعمل بشكل قريب مع ويليام كيسي، مدير سي اي ايه، من اجل تطبيق عقيدة ريغان المناوئة للشيوعية.
ويتذكر بندر كيف انه كان يسير في الكونغرس والنواب يربتون علي كتفه قائلين شكرا لانك ساعدتنا في افغانستان. وقد كان علي الامريكيين ان يشكروه لان السعوديين مولوا الحرب.
وفي شباط ( فبراير) 1988 كلف بندر بمهمة اقناع القيادة السوفييتية بانهاء الحرب وذهب والحالة هذه مبعوثا للقاء غورباتشوف الزعيم السوفييتي في موسكو مع ان السعودية لم تكن في ذلك الوقت تقيم علاقات دبلوماسية مع روسيا.
ويقول بندر ان مهمته في موسكو كانت تتويجا لالتزام تعهد به فهد وريغان بمواصلة الحرب في افغانستان حتي النهاية وبدون تقديم تنازلات. ويبدو ان المهمة كان لها علاقة بتقارير تلقتها المخابرات الامريكية عن وجود نوع من القلق داخل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي حول مسار الحرب مع انه لم يكن متأكدا من موقف غورباتشوف. وعليه فقد كان استقبال الاخير له باردا وعدائيا، واتهم السعودية بالتدخل بالشأن الداخلي في افغانستان.
ويعلق بندر ساخرا ان الروس يتحدثون عن تدخل سعودي في افغانستان وجنودهم كانوا يحتلونه. ولان الرئيس السوفييتي لم يعط بندر الفرصة للحديث في اللقاء العاصف فقد سنحت له فرصة عندما تعب غورباتشوف وطلب قهوة. عندها طلب بندر قهوة ومترجما بالانكليزية لان المترجم الرسمي كان يترجم بلهجة عربية جزائرية يصعب علي بندر فهمها ويبدو ان هذا كان عاملا مهما في عدم التفاهم مع غورباتشوف.
ولما حصل الامر بدأ بندر رده حيث قال انه ليس من مصلحة روسيا ان تظهر بمظهر الدولة التي تحتل بلدا مسلما. وقارن بين وجود روسيا في افغانستان وبين حرب فيتنام، ولكن غورباتشوف واصل هجومه حيث قال ان السعوديين لا مصلحة لهم في افغانستان وانه يعرف كم ينفقون من الاموال: انتم تنفقون 200 مليون دولار في العام علي افغانستان. توقف، قال بندر من الخطير ان تكون لدي رئيس دولة عظمي معلومات غير صحيحة، استمع لي ايها الرئيس من فضلك. نحن لا ننفق 200 مليون في العام بل 500 مليون. وعندنا استعداد ان ننفق اكثر ونطبع نقودا جديدة وان نبيع نفطا اكثر.
وقال ان ما يخسره الامريكيون و السعوديون هو المال اما الروس فهم يخسرون ارواح الجنود. عند هذه النقطة طلب غورباتشوف رؤيته علي انفراد. وقال له ان الروس مستعدون للانسحاب اذا لم يدفعوا الي ذلك دفعا او يتعرضوا للاهانة ... وقال : تستطيع ان تخبر الملك فهد انه بحلول اذار (مارس) سنكون خارج افغانستان.
ويشير بندر قائلا ان هجوم غورباتشوف كان في البداية من اجل ارضاء اعضاء اللجنة المركزية الذين كانوا حاضرين في بداية اللقاء. عن حرب افغانستان يقول ان الامر المثير للضحك ان المخابرات السعودية والامريكية اصبحتا اكبر مصدرين للحمير في العالم.
ويقول كنا نشحن الاف الحمير لافغانستان من اجل نقل الاسلحة بسبب طبيعة البلاد الجبلية.بعد اسابيع من لقاء بندر - غورباتشوف استدعي الاخير محمد نجيب الله رئيس افغانستان الي سمرقند. وقال له انظر سأقدم لك كل شيء تحتاجه لكي تقاتل حربك، ولكن مع حلول آذار (مارس ) سأكون رحلت واذا لم تستطع العناية بنفسك فهذا شأنك ولكن بين الان واذار فسأعطيك اي سلاح تريد.. ولكن مع حلول اذار - مارس فسأكون رحلت . وما تبقي هو التاريخ كما يقول بندر.
.الحرب العراقية - الايرانية
شارك بندر في تداعيات وظروف الحرب العراقية الايرانية. خاصة فيما يتعلق باتفاقات وقف اطلاق النار في الحرب التي استمرت ثماني سنوات وادت الي مقتل مليوني شخص. وضخت فيها البنتاغون مليارات الدولارات من السلاح والدعم المالي والامني للعراق، ويقول ان امريكا لم تكن ترغب في خروج صدام منتصرا فيها ولهذا جاءت نتيجتها لا غالب او مغلوب وكما قال مسؤول في ادارة ريعان اردنا تجنب وضع يكون فيه منتصر في اي من الجانبين.
وينقل الكاتب هنا عن بندر قوله انه في الشهور التي قادت للحرب تحدث الملك فهد مع صدام حسين ونصحه بعدم مهاجمة الايرانيين. ذلك ان صدام قال لفهد انه يخطط لتلقين الايرانيين درسا فكانت نصيحة الملك فهد لصدام اذا اردت نصيحتي ابق بعيدا عن ايران لانها في حالة فوضي بعد الثورة. اتركهم. دعنا نر كيف ستستقر الامور وفي النهاية سنتعامل مع اي طرف ينتصر.
الا ان صدام كان مصمما علي المضي والوصول لطهران وسحب الخميني من لحيته. ويقول بندر ان صدام كان مغرورا ويخادع نفسه. حيث قال له الملك فهد انه يناشده الله في حالة قرر الهجوم ان يحصره في الحدود. ويواصل بندر قائلا عن الحديث بين فهد وصدام ان الاخير وبعد ثلاثة اعوام من الحرب قال لفهد ليتني استمعت لنصيحتك لاني اريد الافتكاك.
ولكن الملك فهد رد قائلا: صدام قرار الحرب والذهاب اليها كان قرارك اما انهاؤها فلم يعد بيدك: هناك الطرف الاخر.الذي لا تضمن انه سيوافق وعليه استمرت الحرب 8 اعوام ولم تتغير الحدود. ولكن السعودية وامريكا دعمتا صدام وظلت مسألة الاسلحة الكيماوية بعيدة عن الجدل.
ويقول بندر انه يتذكر كيف كان يقوم مسؤولون في الادارة بالذهاب الي الكونغرس من اجل اقناع الكونغرس بعدم فرض عقوبات علي العراق. وكان المنطق المستخدم هو ان صدام رجل سيء ولكن الخميني اسوأ منه، فقد كان الخيار بين سيء واسوأ. وينسحب الامر علي استخدام الاسلحة الممــــنوعة.
نعــــم من اجل الامن القومي فان ما يحدث الان سيء ولكن ما يمكن ان يحدث اسوأ، هذا هو المنطق الذي سيق في حينه.المهم ان بندر ساهم في نهاية هذا الفصل باقناع صدام بقبول بنود قرارات وقف اطلاق النار بعد ان كان طارق عزيز خائفا من قبول المسودة بدون الرجوع لصدام.ولكن هدوء الجبهة الايرانية كان مقدمة لانفجار المنطقة، عندما قرر صدام غزو الكويت.
يقول بندر ان حرب الخليج 1990 - 1991 غيرت وجه الشرق الاوسط. ففيها ماتت تحالفات قديمة وولدت تحالفات جديدة. كما ان اجتياح الكويت جاء ليحول بندر من وسيط الي صقر يدعو لمعاقبة صدام، ولم يكن راضياً عن اي تنازل امريكي لصدام. فقد شعر ان توقف الامريكيين عن مواصلة الحرب والاطاحة بصدام كان خطأ.
ويري بندر ان صدام خدعه وخدع السعوديين عندما اكد لهم انه لن يغزو الكويت. فقد كان السعوديون يتوقعون في اسوأ سيناريو انه في حالة قرر صدام الهجوم علي الكويت ان يكتفي بالحدود او السيطرة علي حقلي بوبيان والرميلة النفطيين ولكنهم لم يتوقعوا ان يواصل حتي دخول الكويت.
كان بندر عندما دخل صدام الكويت قد حط في لندن لينقل لتاتشر ما وصلت اليه مساعي محاولات المصالحة بين الكويت والعراق بعــــد فشل لقاء جدة. وكان بندر يخطط ان يقضي شهر اب ( اغسطس) في الصين مع عائلته التي كانت تنتظر في باريس. ولكن خطته تغيرت حيث كان عليه ان يقنع عمه بالخطر العراقي علي الحدود.
كما كان عليه ان يتأكد من ان امريكا مستعدة لمساعدة السعودية وان تبقي حتي انهاء المهمة وهو تعهد اخذه من جورج بوش الاب قبل ان يقنع الملك فهد بضرورة طلب المساعدة العسكرية من الامريكيين.وبعد تأمين نشر القوات الامريكية كانت هناك محاولة لبناء جبهة عربية.
اولا من خلال قمة عربية نظمها حسني مبارك ، الرئيـــــس المصري التي صوتت فيها 12 دولة من 21 دولة لصالح قوة عربية مشتركة للمشاركة في الحرب. وقام بندر بزيارة دمشق واقنع حافظ الاسد بدعم الحرب الا ان الاسد اخر الاعلان عن دعمه لها اربعين يوما.
من بين المواقف التي حيرت بندر موقف الملك حسين ملك الاردن الذي وقف مع صدام وقد كتب له بندر رسالة مفتوحة ومرة وناقدة ونشرتها اعمدة الرأي في عدد من الصحف الامريكية ولكنه لم يعلق علي موقف عرفات الذي يصفه بالمهرج..يقول الكاتب ان بندر الذي اقنع الملك فهد بقبول الدعم العسكري الامريكي ونشر مئات الالوف من الجنود في السعودية لم يكن ليرضي عن اي شيء غير تدمير صدام عسكريا ونصر حاسم لقوات التحالف والاطاحة بصدام حسين واغلاق كل المعابر امامه للهروب.
ولهذا عندما توقفت القوات الامريكية عند اخراجه من الكويت شعر بندر بخيبة امل. فهو يقول ان العمليات العسكرية توقفت سريعا الا ان القرار كان مصيبا من الناحية السياسية.
وهذا يفسر عمليات سرية قام بها السعوديون لدعم مجموعات شيعية بالسلاح في الجنوب علي أمل الاطاحة بصدام الا ان الامريكيين رفضوا العملية بالكامل علي الرغم من تأكيد السعوديين ان هناك فروقاً كبيرة بين شيعة العراق وشيعة ايران.
مؤتمر مدريد
اثناء التحضير لاخراج صدام من الكويت اخبر بندر القيادة المصرية ان حلا للنزاع العربي - الاسرائيلي قادم خاصة ان صدام طرح فكرة العلاقة بين احتلال فلسطين واحتلال العراق، ولكن القيادة السعودية رفضت الربط بين الامرين وان السعودية ستعمل علي حل القضية الفلسطينية بغير هذا الربط ورأت ان اي حديث في هذا السياق يعتبر بمثابة اعطاء ثواب للمذنب علي فعلته ومن هنا جاء مؤتمر مدريد في هذا الاتجاه لاعطاء دفع لجهود التسوية وجمع الاطراف العربية والاسرائيلية.
وكان بندر في مركز التحضير للمؤتمر حيث شكره جورج بوش علي جهوده ولكن واجهت بندر مشكلة لتمثيل الفلسطينيين فقد تم استبعاد عرفات نظرا لموقفه من غزو الكويت ومن اجل التغلب علي المشكلة قام بندر بالاتصال بالدكتور سعيد الكرمي احد اصدقائه الخلص وطلب منه ترشيح اهم ثلاثة فلسطينيين يمكن الحديث معهم، فرشح الكرمي كلا من ادوارد سعيد، وهشام شرابي ووليد الخالدي وثلاثتهم اكاديميون فلسطينيون معروفون حيث التقاهم بندر واخبرهم ان هناك فيتو علي مشاركة عرفات في المؤتمر الدولي الذي سيعقد لا محالة وعلي الاقل في المرحلة الحالية، وان الوفد الفلسطيني يجب ان يكون ضمن وفد اردني، وتم الامر مع ان عرفات كان حاضرا في اروقة المفاوضات من خلال تأثيره علي الوفد الفلسطيني.
ويعتقد بندر ان عرفات ضيع فرصة لاحقة وذلك اثناء ادارة كلينتون حيث رفض عرفات تقديم تنازلات في كامب ديفيد، مع ان بندر يقول ان كلينتون كان صديقه وكان يحضر افلاما سينمائية معه الا ان علاقته لم تكن بنفس التأثير مقارنة مع علاقته مع الادارات السابقة. ومن هنا يشير الي لقاء كلينتون مع حافظ الاسد في جنيف حيث جاء الاسد للقاء وبانطباع ان اسرائيل ممثلة بايهود باراك ستقوم بتقديم ما صار يعرف بوديعة رابين ليكتشف انه لا يوجد استعداد من هذا القبيل ويختلف بندر مع ادارة كلينتون التي قالت انها لم تقدم تعهدات من هذا النوع، وهي العودة لحدود حزيران ( يونيو) 1967، ولكن في نفـــــس السياق قبل بندر ان يحمل عرفات مسؤولية انهيار محادثات كامب ديفيد.
جهود بندر في العملية السلمية تلقت ضربة عام 2001 عندما تبين ان 19 من 51 مهاجما هم سعوديون وهنا وجد السعوديون انفسهم في قفص الاتهام وحاولوا اولا دفع التهمة عنهم خاصة بعد ان تبين ان مواطنين سعوديين منهم اقارب لبن لادن رحلوا بطائرات خاصة بعد الهجمات بايام.
في البداية حاول السعوديون تمرير فكرة ان الذين نفذوا العمليات ليسوا سعوديين اصلاء بل جاؤوا من الجنوب قرب الحدود مع اليمن حيث حاولوا اللعب علي فكرة سعودي جيد و سعودي سيء ولكن الاعلام الامريكي واصل جهوده وحملته ضد السعودية والتي لم تسلم منها زوجته هيفاء الفيصل.
ويعترف بندر ان الاعلام الامريكي لعب دورا مهما في بذر بذور التصدع في العلاقات الامريكية السعودية، ولأول مرة يصبح فيه الحديث بنوع من الايجابية عن السعودية مثارا للنقد والشجب، فيما اضحي شجب وانتقاد السعوديين محطا للترحيب.
كيف تغير الحال، حيث يقول بندر ان هجمات ايلول (سبتمبر) دمــــرت كل ما بناه من علاقات خلال 18 عاما من عمــــله كسفير في واشــــنطن لقد شاهدت كل شيء عملته في هــــذا البلد مـــنذ 18عاما ينهار امام ناظري . نهاية مثيرة انتهت بعد ان اروت واشنــــطن حسهـــــا الانتقامي من احداث ايلول (سبتمبر) 2001 باحتلال فتدمير طالبان وحلفائها من القاعدة في افغانستان.
قصة الامير بندر هي قصة امير سعودي وجد نفسه في مركز صناعة القرار الدولي، وهو جزء من رواية الحرب الباردة وتجادلاتها. وروايته تقرأ من خلال هذا السياق، وكتاب ويليام سيمبسون تمنح هذا السياق، قصة امير سعودي ملغز، اراد ان يصبح طيارا حربيا فصار في قلب مشاكل العالم واسراره والغازه.


ليست هناك تعليقات: