آخر المقالات

السبت، 18 أغسطس 2007

فصول من كتاب حرب فلسطين : مذكرات جمال عبد الناصر ويوميات محمد حسنين هيكل -1من 4

محمود صلاح
فلسطين أحد أهم الفصول في كتاب تاريخ الصراع العربي ـ الإسرائيلي ـ مهما مضت سنوات الزمانهذه الحرب التي كانت لها مقدماتها وأحداثها وتداعياتها.
أما المقدمات فقد كانت انعكاسا لحال مصر السياسية أيامها. وحال الأمة العربية أيضا. وأما تداعياتها فأغلب الظن أنها باقية حتي اليوموتبقي أحداث حرب فلسطين 1948 برغم السنوات التي انقضت عليها مثل كرة بللورية مليئة بالانعكاسات والأشكال المختلفة. تختلف رؤيتها باختلاف الراوي والسامع.ومهما كتب عن حرب فلسطين ومهما اجتهد المؤرخون وأصحاب الآراء والتحليلات، تظل شهادات الأبطال هي الأقوي والأوضح تأثيرا.

وهذه شهادة اثنين من أبطال هذه الحرب

الأول.. ضابط مقاتل عاشها وواجه الموت بالرصاص فيها. ووسط ظلام خنادقها ورائحة البارود والموت عرفه العدو الحقيقي. واكتشف طريق النور لنفسه ولشعبه.
الثاني.. كاتب صحافي نادر. حمل قلمه الي ارض المعركة. وارتدي الملابس العسكرية لأول مرة في حياته. وسجل بأمانة لبني قومه تفاصيل هذه الحرب وما سبقها وما حدث فيها.وعلي السطور القادمة تفاصيل شهادة الاثنين..وخرج جمال عبد الناصرمن السينما.. ليكتب مذكراته!
بعد حوالي نصف قرن أو بالتحديد 49 عاما من توقيع اتفاقية 1899 بين مصر وبريطانيا، وهي الاتفاقية التي سمحت بسيطرة الإنكليز علي الجيش المصري، دخلت مصر حرب فلسطين.كانت بريطانيا الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس قد أعلنت في حوالي منتصف عام 1947 أنها سوف تنهي الانتداب عن فلسطين يوم 14 ايار (مايو) 1948.
وكانت الأمم المتحدة قد أصدرت بالفعل قرارها بتقسيم فلسطين. هذا التقسيم الذي منح اليهود نحو 50% من الأراضي الفلسطينية.وقد رفض العرب قرار التقسيم..وبعد هذا الرفض انطلقت العصابات الصهيونية الإرهابية تعربد بالسلاح في الأراضي الفلسطينية، لاجبار سكانها البسطاء غير المسلمين علي هجر بيوتهم وقراهم ومزارعهم خوفا علي حياتهم.
وكما يقول أحمد حمروش فان العصابات الصهيونية استولت علي مدن طبريا وحيفا وصفد والأحياء الغربية للقدس. هاجمت القري الآمنة. وارتكبت مجازر وحشية ضد العرب، دون تمييز بين الرجال والنساء والأطفال.
ومن أكثرها بشاعة مذبحة دير ياسين، التي جرت يوم 9 نيسان (ابريل) 1948 وانتهت بقتل أكثر من 250 عربيا. وبلغ عدد القري العربية التي تعرضت للهجوم حوالي مئة قرية فلسطينية.
ويقول حمروش: هكذا التقي رفض العرب لمشروع التقسيم مع نقص قدراتهم العسكرية مع المخطط الصهيوني التوسعي القائم علي استخدام القوة.وانتهي الأمر بإعلان بن غورين لدولة إسرائيل مساء يوم 14 ايار (مايو) 1948، واعترفت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بهذه الحكومة بعد دقائق من إعلانها!
كيف دخلت مصر حرب فلسطين؟وهل كانت الظروف السياسية والعسكرية والداخلية تسمح بدخول هذه الحرب؟وهل كانت هناك استعدادت كافية؟وهل كانت حماسة الشعب المصري فقط وراء الدخول في هذه الحرب؟وكيف فجرت العصابات الصهيونية الوضع داخل فلسطين مما أثار حمية وغضب العرب؟ يقول أحمد حمروش أن المشاعر المضادة لأعمال العصابات الصهيونية تصاعدت. وبدأت عمليات تطوع الذهاب الي فلسطين التي تبنتها الجامعة العربية وأمينها العام عبد الرحمن عزام باشا.
وشكلت كتائب تحت قيادة القائمقام أحمد عبد العزيز الضابط بسلاح الفرسان. والذي كان مدرسا للتاريخ في الكلية الحربية ومعه كمال الدين حسين فيما بعد وعدد من الضباط.وهكذا بدأ القتال في صورة حرب عصابات..حرب بين المتطوعين العرب والعصابات الصهيونية. ووجدت فكرة التطوع أنصارا كثيرين في الجيش ومن بينهم اللواء محمد نجيب الذي آمن بأن الوسيلة المثلي للقتال في فلسطين لا تكون إلا باستخدام حرب العصابات.
ولم يكن لجوء النقراشي للقوة المسلحة ودخول الحرب أمرا واردا حتي يوم 11 ايار (مايو) 1948. لكنه غيّر رأيه فجأة بين عشية وضحاها وطلب يوم 12 ايار (مايو) عقد البرلمان المصري لجلسة سرية لطلب دخول القوات المسلحة المصرية أرض فلسطين.
يضيف أحمد حمروش: وكان هذا التغير المفاجئ في موقف النقراشي مثيرا للانتباه والدهشة.
وسأله فؤاد سراج الدين زعيم المعارضة الوفدية في مجلس الشيوخ. عما إذا كان قد قام بتقدير موقف الإنكليز ووعد بلفور وعن احتمالات طعنهم للجيش المصري من الخلف؟ہ فكان جواب النقراشي: انني متفائل ونحن نعرف قوة اليهود تماما.
وأحب أن أطمئنك الي أن الإنكليز أيضا هم الذين شجعوني علي ذلك!وعندما اعترض إسماعيل صدقي باشا علي دخول الجيش المصري لأنه غير مستعد من الناحية العسكرية أكد له النقراشي أنها ستكون نزهة للجيش!ولكن ماذا عن موقف الملك فاروق من حرب فلسطين؟لم يكن فاروق أقل تحمسا بل انه أمر بتحريك الجيش قبل موافقة البرلمان.
وأعطي الأوامر بذلك لمحمد حيدر وزير الحربية دون علم النقراشي رئيس الوزراء!هكذا دخل الجيش المصري حرب فلسطين يوم 15 ايار (مايو) 1948 فجأة!يقول نجيب محفوظ أديب العرب: خرجت مظاهرات 1948 تطالب بالحرب. وكانت مظاهرات شعبية واسعة.. وفي البرلمان وقف محمود فهمي النقراشي ليقنع النواب بأن الجيش مستعد للحرب.
وأكد ذلك الفريق إسماعيل صدقي باشا الذي كان عضوا في البرلمان وقتئذ وأجري مصطفي أمين حواراً معه شرح فيه وجهة نظره التي كانت تقول أن إسرائيل دولة نشأت برغبة العالم، وبالتالي سندخل في صدام واسع مع الغرب، ومن ناحية أخري فان الجيش المصري ضعيف! ويضيف نجيب محفوظ: لكن إسماعيل صدقي كان ذا سمعة سيئة. ووقفنا ضده.
وكان حزب الوفد مع الحرب. وأقنعت الحكومة الشعب بأمرين، أن الجيش قوي وأن الإسرائيليين مجرد عصابات!وطبعا كانت كلمة عصابات وقتئذ تعني شراذم ضعيفة.الحكومة قالت أن الجيش قادر. من أين لنا أن نعرف الحقيقة التي لم تعلن؟طبعا صدقنا الحكومة..
ولكن للأسف الحقيقة كانت علي خلاف ذلك تماما. لقد خدعنا كشعب!ومن فلسطين وصلنا صوت المفتي الحاج أمين الحسيني. كان يطالب بالعون المادي والمعنوي. وكان ضد تدخل الجيوش العربية!وكنت أتابع وقائع القتال..كنت منغمسا مثل بقية الناس.
وأذكر حصار الفالوجة جيدا. وشاركنا في استقبال القوة المصرية عند عودتها وكان بينها جمال عبد الناصر. وأذكر جيدا قائد القوة كان معروفا بالضبع الأسود.وكنت مقتنعا مع الناس أننا انتصرنا في الفالوجة.ولم أكن أدري أننا خدعنا مرة أخري!كيف كان حال الجيش المصري فعلا؟يعود أحمد حمروش ليقول: لقد اتخذ قرار الحرب في لهفة وعجلة ودون دراسة متروية في وقت كان الجيش المصري فيه ما زال يعاني من نقص التسليح.
فلم تكن بريطانيا قد أمدته بالأسلحة التي طلبها. وكان الجيش المصري حتي هذه الفترة بعيدا عن تنظيم المعركة. فلم يكن قد عرف نظام التشكيلات بعد، أي أن أسلحته كانت منفصلة لا تنسيق فيما بينها ولا تجميع للقتال. وكان التدريب قاصرا ومتخلفا عن مناورات المعركة!
ولم تكن طوابير الجيش تشاهد إلا في مواكب المحمل النبوي والجنازات. وكانت هذه الحقيقة يدركها كل ضباط الجيش. ولكن الدعاية الجارفة أشعلت الحماس للقتال. وجرائم العصابات الصهيونية التي واصلت عدوانها الإرهابي جعلت رجال الجيش يقبلون علي المعركة بروح معنوية عالية.
وكل هذا كان فيه خدمة بريطانيا التي كانت قواتها ما زالت تحتل منطقة قناة السويس وذلك بهدف اشغال الجيش المصري بمعركة خارج الحدود لابعاد خطر المطالبة الوطنية بخروج قوات الاحتلال!وكان الموقف يخدم النظام الحاكم!فقد كانت القضية الوطنية معلقة بعد فشل المفاوضات. وكانت الانتفاضة الوطنية قد دفعت جميع طوائف الشعب الي المظاهرات والإضراب، بمن فيهم ضباط البوليس.
ودفع الغلاء بعض الجنود الي وضع أرغفة الخبز علي سناكي بنادقهم أثناء المظاهرات!هذا كان حال مصر قبل حرب فلسطين مباشرة..كانت مليئة بعوامل التضجر التي تهدد قواعد النظام الذي كان يستند علي ملكيته. فاحت رائحة فساد رجالها الي الحد الذي أضعف تماما من مركز الملك فاروق.وهكذا وجدت حكومة النقراشي في دخول حرب فلسطين تنفيذا لأوامر بريطانيا والسراي، إنقاذا لها مما عجزت عن مواجهته.
ووجد فيها الملك والاستعمار طوق نجاة يتعلقان به لإنقاذهما من غضب الشعب يوما بعد يوم.وأعلنت الأحكام العرفية..وفتحت المعتقلات في معسكر هايكستيب الذي امتلأ بالمئات من المعتقلين وفرضت الرقابة علي الصحف، وقيدت الاجتماعات العامة، ولم تكن الدولة قد عبأت نفسها للحرب، بل لم تكن هناك إدارة للتعبئة. وأول كتيبة دخلت أرض فلسطين كانت تحملها أتوبيسات أحضرها أحد المقاولين!ماذا قالت الصحافة المصرية صباح يوم دخول مصر حرب فلسطين؟حملت الصحف المصرية صباح ذلك اليوم مانشيتات تقول:الطائرات المصرية فوق تل أبيب والمستعمرات اليهودية !إلقاء منشورات بطلب تسليم اليهود في ظرف ساعة .
دخلت الجيوش العربية فلسطين !وكان هذا اليوم هو يوم الإشاعات في القاهرة!فقد أشيع أن الإسكندرية وقعت فيها حوادث. وأشيع أن داوود عدس صاحب محلات عدس قد قتل وأن محله نهب. وأشيع أن الفريق حيدر باشا سافر الي الحدود بينما كان في اجتماع عسكري! وأشيع أيضا أنه تم نسف الأزهر الشريف بالديناميت! وظهرت إشاعات أخري عن ذبح 3 حاخامات في مذبح القاهرة!وإشاعة عن قتل 250 يهوديا في ميدان الملكة فريدة!وكانت الصحف المصرية في ذلك اليوم تحمل خبر إعلان قيام دولة إسرائيل، واعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بها. وعاش أهل القاهرة في حيرة..
لم يكن أحد يعرف ماذا يحدث في فلسطين؟وتاهت الحقيقة في طوفان البرقيات والإشاعات والخطب الحماسية. بينما كانت هناك دماء تسيل علي أرض فلسطين.. في نفس اليوم! بعد مرور خمس سنوات علي حرب فلسطين..سجل اثنان من شهود الحق علي هذه الحرب شهادتيهما علي أحداثها وخلفياتها وما دار في كواليسها. الأول.. كان الأستاذ محمد حسنين هيكل.. وكان وقتها محررا عسكريا لدار أخبار اليوم .
وكان الصحافي الوحيد الذي ذهب الي فلسطين وحاول أن يرفع الستار عن حقيقة ما كانت تخفيه الظلال علي صورة ما كان يجري.بعد خمس سنوات من حرب فلسطين روي الأستاذ هيكل شهادته دون رقابة وبلا قيود أو ظلمات. وبعد أن تخلص عقله من ظروف الزمان والمكان، ولم تعد تخطف أعصابه أحداث بعينها أو تبهر عينه زاوية من زوايا الصورة فيتجه إليها ولا يري غيرها!
الرجل الثاني.. كان جمال عبد الناصر نفسه.. المقاتل الذي خاض غمار المعركة بكل قطرة من دمه، وحصل فيها علي أرقي وسام عسكري مصري والثائر الذي استلهم عبارات وعظات حرب فلسطين، والتي كانت هي نفسها ارهاصات ثورة تموز (يوليو) التي قام بها مع رفاقه بعد أربعة أعوام من هذه الحرب!في يومياته قال الأستاذ هيكل:لقد عشت حرب فلسطين.. قبل أن تبدأ هذه الحرب رسميا!عشت هذه الحرب ذات يوم من أيام شهر آذار (مارس) سنة 1948. وكنت قد حملت حقائبي وذهبت اليها أبحث عن الحقيقة..
وأذكر أخبار اليوم كتبت في مقدمة التحقيق الصحافي الأول من أورشليم ـ القدس ـ تقول: ان الحقيقة تتوه في طوفان البرقيات والاشاعات والخطب والاذاعات، ولا يعرفها الا من يحاول البحث عنها تحت الانقاض وعلي ألسنة اللهب وفي السهول التي تتناثر عليها جثث القتلي ويبلل الدم فيها زهور البرتقال!
وأنا أشهد الآن بعد مرور خمس سنوات أن ما رأيته تحت الانقاض وعلي ألسنة اللهب وفي السهول التي تتناثر فوقها جثث الموتي ويبلل الدم فيها زهور البرتقال، لم تكن كل الحقيقة، بل لم يكن الجزء الأكبر أو الأهم منها!وأشهد أيضا أن الجزء الأكبر والأهم من هذه الحقيقة كان بعيدا عن أرض فلسطين كلها!كان مسرحه مكاتب أنيقة ناعمة معطرة!مكاتب متناثرة ما بين القاهرة وغيرها من عواصم الدول العربية.. وبين لندن وواشنطن ونيويورك.. وتل أبيب!
أما جمال عبد الناصر فقد كتب مذكراته عن حرب فلسطين بعد حوالي سبع سنوات من هذه الحرب!كانت الثورة قد قامت في مصر..وكان عهد جديد قد بدأ، وصفحة أخري من صفحات التاريخ قد فتحت!ولم يكن يخطر علي بال جمال عبد الناصر أن يكتب أية مذكرات عن حرب فلسطين.. لولا أنه شاهد في السينما فيلما بوليسيا!
ذات يوم دخل جمال عبد الناصر احدي دور السينما..وكانت تعرض فيلما بوليسيا مثيرا، فيلم أمريكي من الأفلام التي كانت هوليوود تتفنن في صناعتها تلك الأيام، ويتباري مخرجو هذه الأفلام في حشدها بكل ما يشد أعصاب الناس، ويحبس عليهم أنفاسهم بالحبكة والمفاجأة وقوة المؤثرات الفنية!وجلس جمال عبد الناصر في مقعده بدار السينما يتابع أحداث الفيلم..وفيما بعد روي عبد الناصر ما حدث فقال: كان لقصة الفيلم ـ ككل قصة فيلم ـ بطلان!
البطل الأول استولي الشيطان علي قلبه وعقله.. وزرعهما بالشر والدهاء!والبطل الثاني رجل طيب يؤمن بالخير وبالحب بين الناس..وتمضي أحداث الفيلم..ويرتكب الرجل الذي ملكه الشيطان جريمة قتل. وأكثر من ذلك يرتب مسرح الحادث بحيث يلقي التهمة كلها علي الرجل الطيب!وتمشي الأحداث الي ذروة الإثارة..وتحيط الشبهات من كل جانب بالرجل الطيب، وتطبق عليه الريب من اليمين ومن الشمال، وتلاحقه نظرات الشك، وتضـــــعه داخل قفص الاتهام الرهيب!
ويفقد الرجل الطيب أعصابه..ويكاد أن يجن!ينكر ويلح في انكاره.. فلا يجد من يسمع أو يصدق.. حتي أقرب الناس اليه!يحاول أن يدفع عن نفسه شراك العنكبوت التي وقع في حبائلها. فاذا الشواهد الملفقة ـ والتي أحسن تلفيقها ـ تشده بأغلال حديدية!ويتخبط الرجل الطيب.. يضيع.. وينهار.يملكه اليأس علي نفسه وتختلط معالم الحق في وجدانه المهزوز بمعالم الباطل الذي دس عليه.
وحتي هو..أخيرا من ضغط الالحاح عليه وشدة الحصار حوله يكاد يعترف علي نفسه بجريمة لم يرتكبها.ولم يفكر يوما في ارتكابها!قال جمال عبد الناصر في مذكراته عن حرب فلسطين:ولقد ذكرتني هذه القصة بجيش مصر في فلسطين !لقد كانت في فلسطين هزيمة!كما كان في قصة الفيلم جريمة!ولكن من الذي هزم في فلسطين؟في رأيي أن جيش مصر لم يرتكب جريمة فلسطين!وانما ارتكبها غيره.وزيف عليه الأدلة.ودبر الشبهات حتي تلاحقه.وتحمله الوزر الذي هو منه.. براء.وكما حدث في الفيلم.. حدث في الجيش!كاد الجيش الطيب نفسه يصدق مهزلة هزيمته.
وكاد أقرب الناس اليه ـ شعب مصر وغيره من الشعوب الصديقة ـ ينطلي عليـــــه الزور ويصدقونه!لكن الأمر انجلي.. وبان الحق في قصة الفيلم بعد ساعة أو أكثر.. وخرج البريء رافعا رأسه من القفص. ودخل المجرم الداهية كي يلقي حسابه.
ولكن في المأساة التي عشناها في فلسطين.. مضي الكابوس رهيبا.. سنوات طويلة.. مظلمة.وحين قلت أن الجيش المصري لم يهزم في فلسطين. لم أكن أقول كلاما حماسيا. ولا كنت أريد أن أرفع من معنويات الجيش.كنت أقول الحقيقة التي عشتها..كنت أحاول أن أمزق نسيج العنكبوت. التي وقع جيشنا فريسة لها.كنت أريد ببساطة أن أقول..أن هذا الجيش لم يرتكب هزيمة فلسطين!
وأن الهزيمة لفقت عليه.ودبرت مظاهرها من حوله افتراء وبهتانا.لقد كان هناك مجرم آخر يجب أن يحاسب علي الهزيمة.أما الجيش المصري فيجب أن يخرج من قفص الاتهام!تلك كانت مقدمة هيكل..ومقدمة جمال عبد الناصر..فماذا قال هيكل في يومياته..؟وماذا قال جمال عبد الناصر.. في مذكراته؟



*رئيس اخبار صحيفة اخبار الحوادث القاهرية

ليست هناك تعليقات: