آخر المقالات

السبت، 29 سبتمبر 2007

معركة الفلوجة وهزيمة امريكا في العراق -7


احمد منصورہ يكشف خبايا معركة الفلوجة وهزيمة امريكا في العراق (7) احداث الفلوجة اشعلت مدن الانبار وامريكا كانت تخفي حجم خسائرها حتي عن جنودهاصور بثتها الجزيرة لموقع امريكي يحترق اغضبت الامريكيين فقصـفوا بعنـف عشوائي
29/09/2007




يكشف الاعلامي المعروف احمد منصور ومقدم البرنامج الشهير (بلا حدود) علي قناة الجزيرة القطرية تفاصيل وخفايا معركة الفلوجة الثانية في تشرين الثاني/نوفمبر 2004 التي تابعها وغطاها من الميدان، ويري ان المعركة كانت بمثابة هزيمة للاستراتيجية الامريكية في العراق. و القدس العربي تنفرد بنشر فصول من الكتاب تكشف عن حجم الجرائم التي ارتكبتها امريكا في العراق وفي المدينة التي حولتها لأنقاض وشردت اهلها ولا تزال بعد كل الجرائم تفرض حصارا عليها مع ان المعركة انتهت منذ اربعة اعوام .
القدس العربي
.







مخاطرة تبديل جهاز البث


حينما عدت الي بيت آل حديد كان المهندس سيف لا يزال يحاول اصلاح جهاز البث، لذا شاركت في نشرة أخبار الثامنة صباحاً عبر الهاتف وقدمت صورة صوتية لما رأيناه في الصباح، بينما بقي المهندس سيف علي اتصال مع مهندس أجهزة البث في مكتب بغداد معظم الوقت في محاولة لاصلاح الجهاز لكن المحاولات كلها باءت بالفشل.
وفي العاشرة صباحاً تقريباً قمت بالاتصال بالزميل علي سالم رئيس قسم الهندسة في قناة الجزيرة ربما نجد لديه حلاً، فوجدته في باريس، فأبلغته بالمشكلة التي نحن فيها، وطلبت منه أن يحاول وهو علي الهاتف مع المهندس سيف لمراجعة كافة الأشياء التي يمكن أن تساعدنا في اصلاح الجهاز، بقي علي ما يزيد علي نصف ساعة علي الهاتف مع سيف، شعرت خلالها أن الأمر معقد ويتعلق بقطعة بها عطب ولا بد من تغييرها حتي يعمل الجهاز.
تشاورت في هذه الأثناء مع حامد وسألته ان كان هناك جهاز آخر في مكتب بغداد غير الجهاز الذي في الكوفة مع أطوار والجهاز الآخر الذي يستخدمونه في بغداد، فقال: حتي لو كان هناك جهاز رابع ماذا سنفعل؟ قلت له: اتصل واسأل وان كان هناك جهاز بديل يمكننا أن نفكر بعد ذلك ما الذي يمكن أن نقوم به .
أبلغنا الزملاء في مكتب بغداد أن لديهم جهازاً، لكنه قديم ولم يستخدموه منذ مدة، وهو أقل كفاءة من الجهاز الذي معنا لأنه يعمل عبر الأقمار الاصطناعية من خلال شبكة الانترنت وليس عبر الترددات المباشرة مثل الجهاز الذي معنا، وبالتالي فان المهندس سيف الذي معنا لا يستطيع تشغيله، وانما هناك مهندس خاص اسمه سيف أيضاً هو الذي يقوم بتشغيله، قلت لحامد: هذا خبر سار وجيد، لكن عليك يا بطل أن تقوم بمغامرة .
قال: ما هي؟ قلت له: أنا أعتقد أن الطريق الصحرواي الذي دخلنا منه أمس ربما يكون لا زال مفتوحاً ولم تغلقه القوات الأمريكية بعد، ماذا علينا لو جربنا وحاولنا ادخال الجهاز من هناك ؟، فكَّر حامد قليلاً ثم أجري بعض الاتصالات، وكان دائماً عند حسن الظن، فقد كان مقداماً وشجاعاً لا يخاف ولا يتردد، فقال لي: أنا جاهز، وقد اتصلت بالزملاء في مكتب بغداد ونسقت معهم أن يأتوا بالجهاز الي منطقة أبو غريب، سأحاول الخروج من نفس الطريق وآمل أن يكون مفتوحاً، فاذا خرجت منه التقيت معهم في نقطة قريبة وأدخلنا جهاز البث الجديد . لم يكن الأمر سهلاً علي الاطلاق وكان بحاجة الي شجاعة كبيرة، فحجم المخاطرة كبير للغاية لكن جهاز البث هو روح عملنا وقلبه.ودَّعت حامداً ودعوت له بالسلامة.
واتجه حامد ليخرق الحصار الأمريكي ذهاباً واياباً في مهمة خطرة للغاية بينما ذهبت أنا مع ليث الي قلب المدينة، وبقيت علي اتصال مع حامد عبر الهاتف، ولم أكن أصدق بداية أنه نجح في الخروج من الفلوجة من نفس الطريق، وبقيت مخاطرة العودة، أما نحن فقد كان حجم المخاطرة التي كنا نقوم بها كبيراً أيضاً.
فكنا نري الناس متجمعين في بعض المناطق وهناك ما يشبه الفوضي في بعضها الآخر. ذهبنا الي منطقة الجولان حيث الاشتباكات لم تتوقف طوال الوقت، ووقعنا عدة مرات تحت نيران معارك طاحنة اندلعت بين المقاومة والقوات الأمريكية هناك، وبقينا محاصرين طيلة ساعتين في أحد الشوارع الجانبية لا نستطيع أن نتحرك بسبب شدة القتال بين المقاومة وقوات الاحتلال، وسمعنا صوت انفجار ضخم أبلغنا بعض السكان بعده أن مروحية أمريكية قد أسقطت في طرف حي الجولان، وحينما تحركنا لنقوم بالتصوير نصحنا السكان بالعودة حيث ينتشر القناصة الأمريكيون علاوة علي القتال المتواصل هناك.كانت الشوارع مليئة بالمتاريس والأحجار وبدأ عقال الأمن ينفلت في أنحاء المدينة، وظهر المسلحون يجوبون بعض الشوارع في مظاهر تدل علي أن المواجهة في هذا اليوم الثاني للحصار السادس من نيسان (أبريل) قد تطورت.
أما السوق القديم فقد كان مغلقاً وسوق الخضار لم يعد به الا بعض الخضروات الجافة مثل البصل والثوم لكن معظم المحلات كانت مغلقة، وكان القلق والاضطراب بادياً علي وجوه كثير من الناس، لكن أحد العراقيين قال لي جملة سجلتها وتم بثها في التقرير الذي أعده حامد ولم أنسها: نحن أهل الفلوجة، اما أن نعيش بعز، واما أن نموت شهداء .
في طريق العودة الي بيت آل حديد كانت الحركة مضطربة في الشوارع الي حد كبير وكانت هناك اشتباكات متقطعة، ونصحنا كثير من الناس بأن نسلك الشوارع الجانبية والخلفية لأن القوات الأمريكية تقدمت علي محور الشارع العام في محاولة لاختراق المدينة والدخول اليها. ووقعت اشتباكات عنيفة مع المقاومة في الجهة الشرقية من المدينة، وكان واضحاً أن القوات الأمريكية حاولت اختراق المدينة في آن واحد من المحورين الشرقي والغربي، أي من جهة الحي الصناعي وحي الجولان في آن واحد محاولة قياس حجم المقاومة وتقدير قوة نيرانها وتحديد الجهة الأضعف.
فمن الجهة الشرقية تقدمت القوات الأمريكية بالفعل علي الطريق العام ووصلت الي مسجد الخلفاء الراشدين الذي يقع في مواجهة شارع السد، لكن بعض رجال المقاومة تصدوا لها وأطلقوا عليها بعض القذائف فارتدت الي مواقعها خارج المدينة مرة أخري، ومعني وصولها الي مسجد الخلفاء الراشدين أنها أصبحت علي بعد عشرات الأمتار من بيت عائلة آل حديد حيث كنا نقيم.
تركنا السيارة التي كانت معنا للأمان بعيداً، وسلكنا الشوارع الخلفية سيراً علي الأقدام حتي لا نتعرض لنيران القوات الأمريكية حيث كانت الاشتباكات لا زالت قائمة بينها وبين رجال المقاومة في المدخل الشرقي للمدينة وان كانت متقطعة. وحينما اقتربنا من مسجد الخلفاء الراشدين كان هناك بعض رجال المقاومة قمنا بتصويرهم بعدما سمحوا لنا لكنهم رفضوا الحديث الينا.
وفجأة تكهرب الجو مرة أخري وطلبوا منا الابتعاد بعدما أعطاهم قائدهم أمراً بالتحرك تجاه المنطقة الصناعية التي كانت القوات الأمريكية قد بدأت بالسيطرة عليها وعادت الاشتباكات مرة أخري.
عدنا الي بيت حامد من الشوارع الخلفية سيراً علي الأقدام، وكانت المفاجأة التي في انتظارنا مذهلة، فقد كنت علي اتصال مع حامد طوال الوقت وفي آخر مكالمة أكد لي أنه أحضر الجهاز وفي طريقه للعودة الي الفلوجة، فكنت كأني في حالة حلم لا أصدق ما يحدث، لقد عاد حامد بالفعل خلال ثلاث ساعات ومعه جهاز بث آخر،... يا الله... هل يمكن أن يصدق هذا؟ نجح حامد في اختراق الحصار ذهاباً واياباً، ومن نفس المنطقة الصحراوية التي دخلنا منها، لم يكن الأمريكيون قد تعرفوا علي هذا الطريق بعد كما توقعت، ولم يكونوا قد أغلقوه، قال حامد وهو يعانقني: المهمة نجحت يا أبا ندي .
قلت له وأنا غير مصدق: هل أحضرت الجهاز؟ قال: نعم ، قلت له: أين هو ؟، قال: لقد دخلنا الي المنطقة تحت الاشتباكات العنيفة التي اندلعت بين رجال المقاومة والقوات الأمريكية لذا لم نتمكن من احضار السيارة الي هنا فتركناها في أحد الشوارع الخلفية، وبعدما تهدأ الاشتباكات وتنسحب القوات الأمريكية سوف نأتي بها.


رشيد والي


فجأة سمعت ضحكة رشيد والي المجلجلة المتميزة تأتي من غرفة الصالون، فتيقنت أن الجهاز قد وصل بالفعل، ورشيد والي ـ رحمه الله ـ كان من أميز العاملين في مكتب قناة الجزيرة في بغداد من السائقين، كان مرحاً وكثير الدعابة ولا يكف عن الضحك حتي في أحلك اللحظات، وكان من أشجع الزملاء ورجل المهمات الصعبة لذا كان الزملاء يطلقون عليه في المكتب لقب المنقذ .
لم يكن رشيد مجرد سائق بل كان يساعد في كافة الأعمال التي يحتاجها فريق العمل، لذا كان الجميع يحبونه ويحبون صحبته، والغريب أنه كان يريد البقاء معنا في الفلوجة، كان يجوب أرض العراق من شمالها الي جنوبها ومن شرقها الي غربها يتحرك مع الزملاء في كل الاتجاهات، وكان رجلاً شهماً وكما يقول المصريون ابن بلد يعتمد عليه، سافرت معه للمرة الأولي من عمان الي بغداد في شهر تموز (يوليو) من العام 2003، وكنت بعد ذلك أقول لهم حينما أذهب الي بغداد أرسلوا لي رشيداً، ورغم أني أحب الصمت والتأمل في الأسفار الطويلة لا سيما عبر البر، الا أن رشيداً كان من أكثر الناس أنساً في السفر.
قال رشيد بعدما أحضر الجهاز: سأبقي معكم ويعود أي من السائقين بالجهاز المعطل الي بغداد . قلت له: لا أيها البطل عليك أنت أن تعود به، الأمر بحاجة الي شجاعة وجرأة مثل التي لديك، فأنت ستخترق الحصار الأمريكي مرة أخري .
وفعلاً عاد رشيد بالجهاز المعطل الي بغداد وذهب معه فرقد وسيف مهندس جهاز البث المعطل وبقي معنا سيف أيضاً ولكن مهندس البث الخاص بالجهاز الجديد.لم تمض علي هذه الحادثة الا عدة أسابيع حتي بلغني خبر مؤلم، لقد استشهد رشيد والي، كان يصحب عبد العظيم وليثاً وسيفاً في كربلاء لتغطية اجتياح القوات الأمريكية لها، وكان يرافق ليثاً فوق سطح الفندق ويعمل معه كمساعد مصور، وكانوا يقومون بتصوير القوات الأمريكية من فوق سطح فندق بعد بث حيّ قدمه عبد العظيم، وبينما كان رشيد يطل من بين فتحات السطح ويخبر ليثاً بأماكن تواجد القوات فيقوم ليث بتوجيه الكاميرا حيث توجد القوات الأمريكية، فجأة أطلق قناص أمريكي النار علي رشيد فأصابه في رأسه اصابة قاتلة، فاستشهد علي الفور، رحمه الله.
وكان ذلك في مدينة كربلاء ليلة الجمعة الحادي والعشرين من ايار (مايو) من العام 2004 ، أي بعد أحداث الفلوجة هذه بشهر ونصف فقط. وقد ترك رشيد ـ رحمه الله ـ خلفه ستة أطفال، وكان ثاني الشهداء الذين قدمتهم الجزيرة بعد طارق أيوب ـ رحمه الله ـ الذي استشهد أيضاً بعدما قصفت الدبابات الأمريكية مقر قناة الجزيرة في بغداد في 9 نيسان (أبريل) 2003.
الذين يشاهدون الجزيرة لا يشاهدون سوانا نحن الذين نظهر علي الشاشة لكن هناك كثيرون لا يري أحد صورهم أو يعرف أشكالهم ربما يكونون أكثر تضحية منا وبعضهم يدفع حياته ثمناً للحقيقة، ومن هؤلاء الشهيد رشيد والي رحمه الله الذي دفع حياته ثمنا للحقيقة.


العودة للبث من جديد


كان الجهاز الجديد يعني أن روحنا قد عادت الينا، قمنا بتشغيل الجهاز وأرسلنا ما كان لدينا من صور الي الدوحة، وسرعان ما اندلعت معركة طاحنة فوق رؤوسنا، وقد غامر ليث وقام بتصوير الطائرات المروحية التي كانت تحوم وتقصف من فوقنا تماماً، وبعضها اقترب منا لمسافة قصيرة حتي انه خيل اليّ وكنت أقف علي سطح البيت الي جوار ليث أن الطيار قد رآنا رأي العين وأنه سوف يستدير ويعود ليطلق النار علينا، فقلت لليث: كفي ما أخذناه من صور .
ونزلنا بسرعة الي داخل البيت ونحن نتوقع القصف، في الوقت الذي كان فيه رجال المقاومة يقومون باطلاق النيران علي الطائرات.في هذه الأثناء قامت القوات الأمريكية مرة أخري تحت حماية الطائرات في محاولة جديدة لاختراق المدينة، لكن معارك طاحنة نشبت بينهم وبين رجال المقاومة.
وفي هذه الأثناء شاركت في نشرة أخبار الظهيرة بينما كنا نسمع صوت الآليات الأمريكية تخترق شارع السد في عمليات مطاردة لرجال المقاومة الذين أطلقوا النيران عليها، وقدمت وصفاً لما يدور وما رأيناه من الصباح وقمنا ببث الصور الحديثة التي حصلنا عليها، وبعد قتال شرس انسحبت القوات الأمريكية وتراجعت مرة أخري الي مواقعها علي الطريق العام شرق المدينة.
وفي محاولة الاختراق الثانية للمدينة في هذا اليوم وقع حادث مؤلم علي مرآي منا، فقد كان ليث مدخناً فانتهت سجائره فخرج يبحث عن مكان يشتري منه السجائر بعدما هدأت المعارك قليلاً، وكان هناك كشك لبيع السجائر أمام مسجد الخلفاء ولا يبعد عنا أكثر من مئتي متر. ذهب ليث فأحضر سجائره منه وعاد، قبل أن تندلع هذه الاشتباكات ويقوم الجنود الأمريكيون بهذا التقدم داخل المدينة حيث وصلوا الي باب المنزل الذي كنا نقيم فيه في شارع السد، كما تخطوا مسجد الخلفاء، لكنهم انسحبوا مرة أخري الي أطراف المدينة بعدما تعرضوا لمقاومة عنيفة، وكانوا أثناء تقدمهم قد أطلقوا قذيفة علي كشك السجائر فنسفوه هو وصاحبه الذي كان يجلس في داخله، وحينما انسحبوا خرجنا جميعاً لنقوم بتصوير ما أسفرت عنه المحاولة الفاشلة لاختراق المدينة، فوجدنا بقايا من أشلاء الرجل بينما دُمِّر الكشك.
وكان ليث أكثر المتأثرين لأنه تذكر حواراً دار بينه وبين الرجل قبل لحظات من موته.كذلك قام الأمريكيون خلال عملية التوغل هذه داخل المدينة بعمليات تفتيش لبعض البيوت في حي الضباط وحي نزال قبل انسحابهم، وأبلغني شخص كان بيته ملاصقاً لمسجد الخلفاء الراشدين أنه فوجيء بالجنود داخل بيته وقد نزلوا عليه من السطح ولا يعرف كيف تسلقوا ودخلوا، وكان يجلس بين أولاده، فدب الرعب في نفوس الجميع، وقام الأمريكيون بتفتيش البيت بحثاً عن سلاح ومقاومين ثم خرجوا مرة أخري، وقد سجلنا أقوال الرجل وقمنا ببثها في النشرات اللاحقة.
نزلنا الي قلب المدينة مرة أخري وأعدّ حامد توقيع الكاميرا لأول تقرير له من السوق القديم الذي كان مغلقاً وبعض محلاته مدمرة جراء قصفٍ قال سكان المنطقة ان الطائرات قامت به أثناء الليل. كما وجدنا بياناً ألقته القوات الأمريكية من الطائرات المروحية فيه صور بعض الأطفال الذين قاموا بسحل جثث الأمريكيين الأربعة في شوارع الفلوجة ويطلبون تسليمهم مقابل مكافأة مالية.
في نفس الوقت حصلنا علي نداء موجه من أهالي الفلوجة الي الأمين العام للأمم المتحدة والهيئات الدولية يطلبون منها أن تتدخل من أجل فك الحصار المضروب علي المدينة.عدنا بعد ذلك الي البيت حتي نبث آخر الأخبار فوجدنا خبراً مؤلماً، فقد قام جنود القناصة الذين كانوا يتقدمون مع القوات الأمريكية أثناء اقتحامهم شارع السد بقنص ابنة أحد جيران بيت آل حديد، وكانت تقف في شباك البيت تنظر الي الجنود الأمريكيين الذين كانوا قد تقدموا ووصلوا الي الحي الصناعي المواجه لنا، وحينما اقترب أبوها لمحاولة انقاذها بعدما أصيبت أطلقوا عليه النار أيضاً فأصيب لكن الفتاة التي كان عمرها ثمانية عشر عاماً استشهدت بينما نقل أبوها للمستشفي.
قدمت هذه المعلومات في تقرير مباشر مع الزميلين ليلي الشايب وجميل عازر، وقد أدت هذه الأحداث الي أن تصبح الفلوجة الخبر الأول في نشرات أخبار الجزيرة، كما كانت الصور الخاصة والكثيرة والمميزة التي التقطها الزملاء لا سيما للطائرات المروحية القريبة والتي تناقلتها وكالات الأنباء ومحطات التلفزة العالمية نقلاً عن الجزيرة توحي بأن الأمر جد خطير في الفلوجة.وقد استضاف جميل عازر في نشرة تالية الجنرال مارك كيميت نائب قائد القوات الأمريكية في العراق وسأله قائلاً: هل فوجئتم بهذا الحجم من المقاومة في الفلوجة؟ قال كيميت: نحن نقترب من مرحلة تسليم السلطة الي الشعب العراقي، وقد كنا نتوقع تصعيداً ونحن نري ذلك الآن .
ثم سأله جميل: عدد القتلي والجرحي من المدنيين في العمليات التي تتم يدل علي أن ما يحدث هو عملية انتقام وليس محافظة علي الأمن ؟ فقال كيميت: بالتأكيد لا يوجد أي انتقام من جانب قواتنا وانما العمليات القتالية التي نقوم بها تتم في أماكن صعبة وهي في اطار الدفاع عن النفس .
هكذا قال كيميت أنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم، وأنا لا أدري أي دفاع عن النفس من قوات محتلة ومعتدية ضد ثلاثمئة ألف مدني محاصرين في الفلوجة، علاوة علي المعارك الأخري الطاحنة التي كانت تجري في أماكن أخري من العراق.وفي حوار أجراه الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر في هذا اليوم مع محطة تليفزيون ان بي سي الأمريكية قال رداً علي سؤال حول الحصار الأمريكي للفلوجة: لقد لقي الهجوم علي الأمريكيين في الأسبوع الماضي استهجاناً عالمياً.. وقلت في ذلك الوقت اننا لن نتساهل مع تلك الهجمات والجيش يريهم الآن أننا جادون وأضاف: أصدقاؤنا في العراق يشكلون %90 من الشعب العراقي، وهم يشاطروننا رؤيتنا بشأن العراق .
أما هيئة علماء المسلمين فقد أصدرت بياناً في هذا اليوم السادس من نيسان (أبريل) اعتبرت فيه أن ما يجري في العراق من عمليات عسكرية ضد المدنيين سواء في المدن السنية أو الشيعية هو وصمة عار علي جبين قوات التحالف.. وقال البيان: ان ما يجري الآن في بغداد في أحياء الأعظمية والكاظمية ومدينة الثورة والشعلة والنجف الأشرف والفلوجة وفي مدن عراقية أخري من استهداف المدنيين من أبناء وطننا وحصارهم بالدبابات، وقذفهم بحمم الطائرات لهو وصمة عار علي قوات التحالف.


اندلاع المقاومة في أنحاء العراق


بدأ الليل يرخي سدوله فيما كانت المعارك تشتعل في أطراف وأحياء المدينة المختلفة، وكان القصف المدفعي المتواصل وأصوات الانفجارات تأتي من كل اتجاه، وكان واضحاً أن أحداث الفلوجة أشعلت كل مدن الأنبار، ففي هذا اليوم قمنا ببث أخبار عن هجوم قامت به المقاومة في الرمادي علي القوات الأمريكية قتل خلاله أكثر من اثني عشر من الجنود الأمريكيين، وكان انفراداً حصل عليه مراسلنا في الرمادي حسام علي الذي أكد لنا أن معركة طاحنة تدور بين القوات الأمريكية ورجال المقاومة في منطقة الملعب وسط المدينة، وأن عشرات من الجنود الأمريكيين سقطوا قتلي وجرحي جراء هجوم بمدافع الهاون علي تجمع لهم.
قمنا ببث الخبر في الساعة الثانية عشرة ظهر الثلاثاء، ثم أكده بيان صدر عن الجيش الأمريكي نشر في اليوم التالي الأربعاء جاء فيه: أن اثني عشر جندياً أمريكياً قد قتلوا وأصيب أربعة وعشرون آخرون في الرمادي بعد معركة استمرت سبع ساعات .وفي هذا اليوم كذلك اندلعت معركة طاحنة بين القوات الأمريكية ورجال المقاومة في الصقلاوية التي تبعد خمسة عشر كيلو متراً شمال غرب الفلوجة.
علاوة علي ذلك كان أنصار مقتدي الصدر في مواجهة مع القوات الأمريكية في مدينة الصدر في بغداد وكذلك في النجف في الجنوب، كما أن المقاومة العراقية سعت لتخفيف الضغط عن الفلوجة فقامت بتكثيف عملياتها في بغداد والموصل وبعقوبة وديالي وسامراء وتكريت وأماكن أخري، فاشتعلت المقاومة ضد الاحتلال في شتي أنحاء العراق، حتي ان بول بريمر الحاكم الأمريكي في العراق وصف تلك الأحداث في مذكراته التي نشرت طبعتها العربية دار الكتاب العربي في لبنان تحت عنوان عام قضيته في العراق في فصل كامل تحت عنوان الاصطدام بالحائط ، كان مما قاله فيه في صفحة 404: قدم لي رئيس المحطة تقييماً عاماً عن الوضع في العراق، ويبدو أن مدير الاستخبارات المركزية في لانغلي طلبه قبل أسبوع، كان التقييم مفرطاً في التشاؤم، فينتظرنا فشل كارثي، حيث اننا مقبلون علي انهيار مضطرد في العراق .
أربع صفحات من هذا القبيل، يشتم منها بأنها دعوة تقليدية الي حماية ظهرك لقد اهتزت الوكالة بالضربات المتتالية التي تعرضت لها في السنوات الأخيرة، بحيث يشدد كل ما يكتبونه علي الجوانب السلبية.


الهزيمة الأولي للقوات الأمريكية في الفلوجة


تصاعدت حدة القصف في أطراف الفلوجة، وكنا نسمع أصوات القصف والانفجارات تأتينا من كافة الاتجاهات، وبعد صلاة المغرب مساء الثلاثاء السادس من نيسان (ابريل) جاءنا الي بيت حامد بعض أهل الفلوجة، وبدا أن حامداً يعرف أحداً منهم، وأخبرونا أن رجال المقاومة شنوا هجوماً شديداً علي القوات الأمريكية التي تغلق طريق النعيمية، وبعد معركة طاحنة مع القوات الأمريكية نجح رجال المقاومة في تدمير الموقع وأصيب عدد كبير من الجنود الأمريكيين، وقد جاءت الطائرات المروحية فأجلت القتلي والجرحي وهرب باقي الجنود وأصبح الموقع خالياً والنيران تشتعل فيه.
كان الخبر بالنسبة لنا سبقاً اعلامياً مميزاً، ولم يأت هؤلاء لاخبارنا فقط بل طلبوا منا أن نذهب معهم حتي للتأكُّد من صدق هذه المعلومات وأن نقوم بتصوير الموقع، وأبلغونا أن الطريق آمن ولم يعد فيه أحد من القوات الأمريكية وأنهم قادمون لتوهم من هناك وأن المسافة بيننا وبين هذا الموقع بالسيارة لا تزيد عن ربع ساعة من الطريق المعبَّد، وهذا الموقع نفسه الذي حاولنا الدخول منه أول يوم وهددنا قائده باطلاق النار علينا ان لم نبتعد؛ وهو قريب من الطريق الذي دخلنا منه والذي تمكنا صباحاً من ادخال جهاز البث منه أيضاً.
كان الأمر مخاطرة كبيرة، فبداية حاولت أن أتأكد من حامد أن هؤلاء الناس ثقات وأن الخبر الذي حملوه لنا لا يحتمل الكذب وأنهم ليس وراءهم نوايا سيئة بالنسبة لنا، فأكد حامد لي أنهم من أهل المدينة ويعرفهم معرفة جيدة، وقد تحمَّس حامد للذهاب وبقي أن يقبل أحد المصورين أن يذهب معه لا سيما وأن حجم المخاطرة عال ومن الممكن أن يعود الأمريكيون في أي لحظة ويشنوا هجوماً علي المكان لاسترداده، أو تقوم الطائرات بقصفه حتي لا يتمكن رجال المقاومة من الحصول علي أية أسلحة أو أوراق أو أجهزة به، وربما تكون القوات الأمريكية قد عادت بقوات أكبر لاسترداده، لكن ليثاً لم يتردد، كان كعادته مقداماً وشجاعاً.
ودَّعناهم ونحن خائفون عليهم ودعونا لهم بالسلامة، وبقيت علي قلق شديد واتصال بهم طوال الوقت، كان الأمر في غاية الصعوبة وكان أهون عليَّ أن أكون معهم من أن أجلس في حذر وترقب وقلق عليهم طوال الوقت، فحينما وصلوا الي مركز القوات الأمريكية في النعيمية وجدوه بالفعل يحترق ولم يجدوا أي جندي أمريكي في المنطقة، وكانت هذه أول هزيمة مدوية للقوات الأمريكية التي تحاصر الفلوجة، وقام ليث بتصوير المكان حتي انه قام بتصوير علب الطعام التي لم يكن الجنود قد تناولوها، وكان واضحاً أن الهجوم قد وقع عليهم وهم يتناولون عشاءهم.لم نعرف عدد الجنود الأمريكيين الذين قتلوا وجرحوا في هذا الهجوم الذي يبدو أنه قد خلف عدداً كبيراً من القتلي والجرحي، ولم تفصح القوات الأمريكية عن أية تفاصيل عن هذا الهجوم، وكانت تكتفي دائماً في بياناتها العسكرية بالقول ان عدداً من جنودها قتلوا في الأنبار.
وحينما عدت الي بيانات الجيش الأمريكي التي نشرت في هذا اليوم وجدت تبريراً عن عدم ذكر عدد القتلي والجرحي أو نتائج العمليات التي تعرضوا لها. في أحد التقارير يقول: ان نشر معلومات اضافية عن هذه الوقائع قد يعرض الجنود لأخطار أكبر .عاد حامد وليث بعد حوالي ساعة وكانوا مثل العائدين الي الحياة، عانقناهم وكأنهم فارقونا منذ عام وهنأناهم علي السلامة وعلي الصور المميزة التي تناقلتها وسائل الاعلام العالمية بعد ذلك نقلاً عن الجزيرة، وكان ليث يتصبَّب عرقاً كمن كان يركض دون توقف منذ عام. أخذنا منه الشريط وقمنا ببثه للدوحة بينما جلس يدخن كعادته وكأنه غير مصدق أنه قد عاد سالماً.
أثارت الصور حينما قمنا ببثها ردود فعل واسعة، فقد كانت تأكيداً علي أن وضع القوات الأمريكية يسوء حول المدينة رغم احكامها لحصارها، وقد جن جنون الأمريكيين فأصبحوا يقصفون بشكل عشوائي في كل اتجاه، بعد بث صور هذه الهزيمة المدوية لهم، وبعد ساعة من بث هذه الصور جاءنا خبر مؤلم للغاية من زميلنا حسين دلي حيث أبلغنا أن طائرة أمريكية قامت بقصف بيت في حي الجولان في الفلوجة، مما أدي الي مقتل أكثر من عشرين معظمهم من النساء والأطفال وأنه الآن في موقع البيت المنكوب يقوم بعملية تصوير للضحايا الذين كانوا ينتشلون من بين الأنقاض.


مذبحة حي الجولان


في هذا اليوم قرر الدكتور رافع العيساوي مدير مستشفي الفلوجة العام التي كانت تقع تحت سيطرة القوات الأمريكية وكذلك أطباء المستشفي تحويل العيادة الشعبية التي كانت تقع في قلب المدينة في شارع العيادة الشعبية في حي الجمهورية الي مستشفي ميداني، فقد كان عدد القتلي والجرحي في ارتفاع مستمر ولم يكن الناس يجدون مكاناً لاسعافهم الا مستشفي الدكتور طالب الجنابي التي كانت في طرف المدينة الشرقي ولم تكن كافية، كما أنها كانت تحت مرمي نيران القوات الأمريكية طوال الوقت.
كذلك قاموا بتحويل عدة عيادات أخري كانت تتواجد في أطراف المدينة الي مستشفيات ميدانية لكن الضغط الرئيسي كان علي العيادة الشعبية بسبب موقعها في قلب المدينة.بعد ذلك أصبحنا علي اتصال دائم بالدكتور رافع العيساوي حيث كان مصدراً رئيسياً لنا يطلعنا دائماً علي أعداد القتلي والجرحي الذين كانوا يصلون الي المستشفي الميداني من أهل الفلوجة، كما كنا نرتب له مداخلات في نشرات الأخبار حتي يعطي الصورة عن الوضع الطبي وأعداد القتلي والجرحي في المدينة بشكل رسمي.
بدأ الأمريكيون يفقدون صوابهم جراء الضربات المتتالية التي يتعرضون لها من قبل رجال المقاومة في الفلوجة وما حولها، فأصبحوا يردون علي هذه الهجمات بالقصف بجنون وفي كل اتجاه، فكثر الضحايا من المدنيين، ووقعت في تلك الليلة مذبحة مؤلمة ذهب ضحيتها عائلة من ستة وعشرين فرداً لم ينج منهم سوي رجل واحد وطفل رضيع.
كان الرجل الناجي يدعي خميس صالح النمراوي، وكان يسكن في منطقة قريبة من تواجد القوات الأمريكية في أطراف المدينة فلجأ ومعه أشقاؤه الأربعة وزوجاتهم وأبناؤهم الي أحد بيوت الجولان ونزلوا ضيوفاً علي عائلة أخري أقارب لهم ظناً منهم أن المكان أكثر أمناً من بيتهم الموجود في أطراف المدينة.
لكن البيت الذي لجؤوا اليه في أول يوم لاقامتهم فيه تعرض لقصف من الطائرات الأمريكية فهدم المنزل علي كل من فيه، ولم ينج سوي الرجل وطفل رضيع.وصل حسين دلي الي البيت أثناء اخراج الجثث من تحت الأنقاض وقام بتصوير الحادث بالكامل، وقمنا بعد التأكد من كل المعلومات ببث الخبر بداية كخبر عاجل في نشرة أخبار حصاد اليوم في الحادية عشرة ليلاً، وشاركت في بث مباشر في تلك النشرة التي كان يقدمها جمال ريان وايمان بنورة وقدمت تفصيلاً لأحداث اليوم، وكان من أهمها أن الغذاء بدأ ينفد في مدينة الفلوجة كما أصبحت هناك أزمة بنزين، وكذلك قمنا بتوجيه نداء وصلنا من الدكتور رافع العيساوي بدعوة أهل الفلوجة للتبرع بالدم حيث ان عدد الجرحي في ازدياد، كما أن الامكانات الطبية بها عجز كبير، وأصبح هناك مشكلة أخري هي مشكلة دفن الموتي، وأكدت خبر مجزرة الجولان وأخبرتهم أن الصور في الطريق الينا.
كان الانتقال من حي الجولان حيث وقعت المذبحة في شمال غرب المدينة الي حي نزال حيث كنا نقيم في جنوب شرق المدينة أمراً في غاية الخطورة مع فرض حظر التجول والقصف العشوائي الذي كانت تقوم به القوت الأمريكية لكل ما يتحرك علي الأرض في ذلك اليوم، الا أن حسين دلي خاطر ووصل الينا قبيل انتهاء الحصاد في الساعة الثانية عشرة ليلاً، وقمنا ببث الصور الي الدوحة وطلبنا من الزملاء تنبيه المشاهدين بأن الصور فيها مناظر مؤلمة، حيث كانت أشلاء الأطفال والنساء ممزقة ومبعثرة وملطخة بالدماء والتراب وكانت شديدة الايلام لكل من شاهدها حيث انها لا زالت ماثلة في مخيلتي.
الكآبة ملأت نفوسنا جميعاً وغمرنا الألم وأدركنا بأن ما هو آت أعظم مما قد مضي، وأن هذه الحادثة تظهر أن القوات الأمريكية تعاني بشدة وسوف تواصل مثل تلك الجرائم خلال الأيام القادمة.لم أستطع النوم في هذه الليلة رغم الارهاق الشديد وعدم تمكني من النوم في الليلة السابقة، فقد هزتني صور أشلاء الأطفال الممزقة التي قمنا ببثها، كما أن القصف أصبح شديداً للغاية ويبدو أن المعركة أخذت تتطور بشكل كبير، ولأن المقاومة تتحرك عادة في الليل فقد كان واضحاً أن هناك هجمات علي القوات الأمريكية من كافة الاتجاهات، وأن نجاح المقاومة في تدمير الوجود الأمريكي في النعيمية قد أعطي المقاومة دافعاً لتصعيد الهجمات ودفع القوات الأمريكية في نفس الوقت لمحاولة الانتقام ومحاولة استرداد زمام الأمور التي سبق وأن أشار الحاكم الأمريكي بول بريمر الي أنها وصلت الي مرحلة انهيار مضطرد... .جلسنا في الصباح ننتظر الساعة السادسة حيث ينتهي حظر التجول حتي نبدأ تحركنا في أنحاء المدينة ونعرف ماذا تم في الليل من هجمات.
وفي هذا اليوم قسمنا أنفسنا ثلاثة فرق؛ الفريق الأول: حامد ومعه ليث يذهبان الي وسط المدينة حيث العيادة الشعبية التي أصبحت مستشفي ميدانياً، وكذلك الي حي الجولان ويقومان بتصوير كل المستجدات هناك والمنزل الذي قصف في الليل وجرت فيه المذبحة. أما الفريق الثاني: فهو حسين دلي، وكان حسين يقوم وحده بجهد فريق حيث كان يحمل كاميرا صغيرة ويتحرك في وسط المدينة كلما وقع قصف أو هجوم يقوم بتصويره ويحضر لنا الصور.
أما الفريق الثالث فيتكون مني ومعي المصور حسان وأبو عمر السائق، وعلينا الذهاب الي أخطر الأماكن في شرق المدينة حيث تتواجد القوات الأمريكية ومستشفي الدكتور طالب الجنابي والحي العسكري والمنطقة الصناعية.ما ان استدارت السيارة بنا من شارع السد الي الطريق العام شرقاً وأصبح الحي الصناعي الي يميننا وحي الضباط الي يسارنا حتي هالنا ما رأينا، فقد وجدنا في مواجهتنا دبابتين أمريكيتين تسدان الطريق ومدفعيتها موجهة نحونا تماماً، بينما كانت قوات أمريكية بأعداد كبيرة تقوم بتمشيط الحي الصناعي الي يميننا، فيما كانت قوات أخري كبيرة فوق أسطح الورش فيما بدا أنها تمهد لعملية اقتحام جديدة للمدينة، ارتبكنا جميعاً لبرهة لكني قلت لأبي عمر: لا تتردد وواصل الطريق .
قال: الدبابات تغلقه ومدفعيتها موجهة الينا . قلت له: لو رجعنا لقصفونا، كما أن القوات التي تملأ الحي الصناعي ترصدنا، وشارة صحافة واضحة علي مقدمة السيارة، لا تخف واصل طريقك واذا وصلنا الي الدبابات أبلغناهم أننا صحافيون فاما أن يفسحوا لنا الطريق واماأن يردونا.

ليست هناك تعليقات: