آخر المقالات

الاثنين، 1 أكتوبر 2007

الفلوجة وهزيمة امريكا في العراق -8


احمد منصورہ يكشف خبايا معركة الفلوجة وهزيمة امريكا في العراق -8 فرار افراد القوات العراقية المساندة للامريكيين من معركة الفلوجة . وانطلاق التكبير من عشرات المآذن بوقت واحد اثار ذعر المارينزالجثث تتراكم في المدينة والمقبرة لم تعد تتسع . والمشيعون المجروحون يفجرون غضبهم بفريق الجزيرة
01/10/2007



يكشف الاعلامي المعروف احمد منصور ومقدم البرنامج الشهير (بلا حدود) علي قناة الجزيرة القطرية تفاصيل وخفايا معركة الفلوجة الثانية في تشرين الثاني/نوفمبر 2004 التي تابعها وغطاها من الميدان، ويري ان المعركة كانت بمثابة هزيمة للاستراتيجية الامريكية في العراق. و القدس العربي تنفرد بنشر فصول من الكتاب تكشف عن حجم الجرائم التي ارتكبتها امريكا في العراق وفي المدينة التي حولتها لأنقاض وشردت اهلها ولا تزال بعد كل الجرائم تفرض حصارا عليها مع ان المعركة انتهت منذ اربعة اعوام .

القدس العربي

منقول من القدس العربي
01.10.2007


كان القلق مستبداً بنا جميعاً، فنحن تحت القصف وفي عداد الموتي في أي لحظة، والقوات الأمريكية دائماً لديها مبرر لكل ما تقوم به، وكما قتل عشرات الصحافيين منذ بداية الحرب علي يد القوات الأمريكية آخرهم كان في الفلوجة مصور تليفزيون محطة ان بي سي الأمريكية يوم الجمعة 26 آذار (مارس) 2004.

لأنه كان يقوم بتصوير اشتباكات عنيفة وقعت شرق المدينة وتكبدت القوات الأمريكية فيها خسائر كبيرة لكن لم يعلم أحدٌ عن تفصيلاتها شيئاً لأن الكاميرا والشريط قد دمرا مع المصور وبالتالي فمن الممكن أن نقتل نحن أيضاً ونصبح مجرد أرقام في أعداد الصحافيين الذين يقتلون كل يوم في العراق، لذلك فان أصعب اللحظات تلك التي يجد الانسان فيها نفسه فجأة تحت وابل النيران ولا يستطيع أن يفعل شيئاً سوي أن يختار ما بين أحسن الخيارات السيئة، وهكذا اخترت أن نواصل الطريق ونذهب في مواجهة الدبابات التي كانت تغلق الطريق أفضل من أن نثير الشبهات ونعود بشكل مضطرب فيطلقون النار علينا.

لم يكن حسان في نفس جرأة ليث في التصوير فحينما طلبت منه أن يقوم بتوجيه عدسة الكاميرا للقوات الأمريكية الموجودة علي أسطح ورش الحي الصناعي وتصوير الدبابتين اللتين تسدان الطريق في مواجهتنا، كان مرتبكاً وخائفاً ولم يستطع ذلك. وحتي لا أظلمه فقد كان الأمر مربكاً ومخيفاً الي حد بعيد، وهذا أمر أستطيع أن أقدره وألتمس العذر لصاحبه في هذه اللحظات المميتة، فالحياة في ظل الموت وتحت وابل القصف والنيران أمر ليس سهلاً أن يتحمله الانسان، كما أن تصرفات الانسان في هذه اللحظات لا تخضع لأي معطيات طبيعية لأن العقل في كثير من الأحيان يفقد القدرة علي التركيز أو التفكير الصائب، لذلك فان كثيراً من المصورين الحربيين وحتي المراسلين يعانون من أمراض نفسية بعد نهاية الحروب جراء ما يتعرضون له وما يشاهدونه.

وفي دورة تدريببة للمراسلين الحربيين أخذتها علي يد ديفيد سايمور أحد المدراء السابقين في محطة بي بي سي عرض لنا ديفيد فيلماً أنتجته بي بي سي عن مراسلين ومصورين حربيين سابقين قاموا بتغطية الحروب في أفغانستان والبوسنة والهرسك وأماكن أخري وكيف أن حياتهم قد دمرت بسبب ما لاقوه وشاهدوه في الحروب، فبعضهم أصيب بأمراض نفسية وآخرون أصبحوا مدمنين علي الشراب، لكن أيضاً هناك كثيرون احترفوا هذه الأعمال عشرات السنين ولا زالوا يقومون بأعمالهم دون خوف بدأنا نقترب شيئاً فشيئاً من الدبابات، وطلبت من أبي عمر أن يحافظ علي سرعته فلا يسرع ولا يبطيء فنحن تحت مرمي نيران عشرات المدفعية والبنادق من كل الاتجاهات وأخطرها ـ دون شك ـ مدافع الدبابات التي في مواجهتنا والتي يمكن أن تحولنا مع السيارة التي نركبها الي بخار بقذيفة واحدة.

كانت دقات قلوبنا تزداد كلما اقتربنا من الدبابات، والمشكلة أنه لم يكن هناك فتحة جانبية في الطريق للعودة الا في نهايته قرب المستشفي، ولم نكن ندري هل الدبابات تقف خلفها أم أمامها، لكننا قررنا ألا نعود وأن تكون وجهتنا واضحة الي المستشفي.وحينما اقتربنا من الدبابات وجدناها تقف تماماً في نهاية فتحة العودة التي تؤدي الي المستشفي.

كانت مدفعيتها موجهة لنا تماماً وحينما استدرنا للعودة لم تكن المسافة الفاصلة بيننا وبين الدبابات تزيد عن عدة أمتار، لم نتوقف ولم يوقفنا الجنود الذين كانوا فوق الدبابات ولم يتحدثوا الينا، فقط كانوا يراقبوننا وأيديهم علي الزناد، توجهنا مباشرة الي مستشفي الدكتور الجنابي التي كانت علي بعد أمتار من مكان الجنود الذين ظلوا يراقبوننا الي أن وصلنا الي المستشفي، وحينما دخلنا اليها وجدنا الدماء تغطي جانباً من أرضيات المدخل مما أوحي لنا أن الليلة كانت ليلاء داميةجاء الدكتور الجنابي فرحب بنا وأبلغنا أن المستشفي تعرض أيضاً للقصف من القوات الأمريكية في الليلة الماضية، وكانت آثار القصف بادية علي واجهة المبني كما أنه استقبل كثيراً من الجرحي أثناء الليل كان من بينهم خميس النمراوي، الذي فقد عائلته المكونة من ستة وعشرين فرداً في الجولان ولم ينج سواه وطفل صغير، وأدخلنا الدكتور الجنابي الي غرفة كان بها طفلان جريحان أحدهما الطفل الناجي من مذبحة الجولان وكان عمره لا يزيد عن عام واحد بينما كان الآخر عمره حوالي عام ونصف وكانا يبكيان والضمادات تغطي .

لم أستطع أن أتحمل بكاءهما مع الضمادات التي كانت تلف جسديهما لكننا قمنا بتصويرهما وبُثت الصور علي شاشة الجزيرة في هذا اليومأما خميس النمراوي، فحينما قابلته وجدته يهذي، وغير مصدق لما جري ويقول منادياً الطفل الذي نجا والذي كان في غرفة أخري: أنا أعرف صوته أحضروه لي.. فقط أريد أن أشم رائحته.. أريد أن أري هذا الصغير.. أرجوك يا دكتور.. أرجوك هذا صوت بكائه أعرفه من بين ألف طفل .

كان مصاباً في رأسه ويده ورجله. قمنا بتصويره وقمنا ببث هذه الصور المؤلمة علي شاشة الجزيرة، ورغم أني كنت أقدِّر الصدمة التي يعيشها لكني قلت له: أرجو أن تخبرني باختصار بما حدث وكيف نجوت وحدك والطفل؟ قال: انضم الينا ثلاثة من اخوتي مع زوجاتهم وأبنائهم طلباً للأمن وفراراً من القصف الأمريكي علي بيوتهم، فكنا أربعة رجال وأربع نساء والباقون من الأطفال، وكان عددنا جميعاً ستة وعشرين فرداً، جاءت الطائرة فقصفت المنطقة فقاموا جميعاً وهربوا الي غرفة واحدة للاحتماء من القصف، وكنت أنا في طرف البيت ويبدو أنهم من الفزع لم ينتبهوا للرضيع الذي كان نائماً فتركوه أو نسوه في الغرفة التي كانوا فيها، ثم جاءت الطائرة وقصفت الغرفة التي احتموا فيها طلباً للأمان فاستشهدوا جميعاً ولم يبق سواي والطفل، أما القتلي فهم 16 طفلاً و8 رجال ونساء هذه باختصار هي القصة .

وقد تكررت قصة هذه العائلة مع أكثر من شخص، فقد وجدت بعد ذلك يوم الجمعة شخصاً نجا وحده وقتلت كل عائلته اسمه صالح العيساوي، حينما ذهبت لأتحدث معه وجدته مثل المأخوذ الذي لا يكاد يعي أو يصدق ما حدث له أو ما يدور حوله.وقد تصدَّرت قصة هذه العائلة الخبر الرئيسي في معظم وسائل الاعلام العالمية في ذلك الوقت بعدما قمنا ببثها، أما الجنرال مارك كيميت نائب قائد القوات الأمريكية حينما واجهه الصحافيون بما قمنا ببثه من صور تلك العائلة المنكوبة لم يجد جواباً يقدمه للصحافيين الا بقوله: فقط قوموا بتغيير هذه القناة التي تبث الأكاذيب.

في المقبرة القديمة

بعد الانتهاء من تصوير الجرحي في مستشفي الدكتور طالب الجنابي عدنا من طريق خلفي دلنا عليه بعض السكان الي مقر فريق الجزيرة في بيت آل حديد في حي نزال وذلك حتي نتجنب قدر المستطاع أن نكون تحت نيران القوات الأمريكية، وقمنا ببث الصور الي مقر الجزيرة في الدوحة وشاركت مع الزميلة لينا زهر الدين في نشرة الأخبار الصباحية، كما وافيت الزملاء في غرفة الأخبار بالتفاصيل علي أن يقوم أحد الزملاء في الدوحة باعداد تقرير داخلي من خلال الصور لعدم وجود وقت لدينا، اذ كان عليَّ أن أعود الي وسط المدينة مرة أخري وذلك بعدما علمت أن جنازة ابنة جارنا التي قتلها القناص الأمريكي بالأمس سوف تشيع في المقبرة القديمة للبلدة في وسط المدينة الساعة العاشرةأخذت المصوِّر حسان وذهبنا للمقبرة، لكني ذهلت من هول ما رأيت.

لم تكن هناك جنازة واحدة، ولكن كانت هناك نعوش وجنائز كثيرة، وكان الناس في المقبرة غاضبين وثائرين، وحينما بدأنا تصوير الجموع المحتشدة في المقبرة اذا بأحد الحضور يوجه كمّاً هائلاً من السباب الي الصحافيين ويتهمهم بأنهم عملاء للأمريكان، ورفع صوته علي مسمع من الناس وهو يوجه الكلام الينا بأننا عملاء ونقوم بتصوير الجموع حتي نعطي الصور للأمريكان.

أصابني الرجل من خلال اتهاماته هذه بألم شديد؛ فأسوأ شيء في الحياة أن تقابل بنكران جميل وأنت تقوم به، ونظرت الي وجوه الناس الذين كانوا يملأون المقبرة علّ أحدهم ينصرني أو يدافع عني فلم أجد، كان الناس ينظرون الي ولم يعلق أحد علي ما يردده الرجل أو يطلب منه السكوت، شعرت أن الناس جميعاً مجروحون ومتألمون، لكن اتهاماً مثل هذا في لحظة مثل هذه يمكن أن يدفع أي شخص من المسلحين الذين كانوا يملأون المقبرة الي أن يقتلنا، فالرجل لا يلقي علينا تهمة بسيطة، وانما يتهمنا بالعمالة للأمريكيين بين أناس مجروحين بقتلاهم وجرحاهم الذين قتلهم الأمريكيون، حاولت ألا يشغلني الرجل عما جئت لأجله، لكن المكان كان ضيقاً ومزدحماً والرجل كان يلاحقنا في حركتنا والناس ينظرون الينا وما من نصــــير، فأنا الغريب بينهم ولم يكن معي أي من الزملاء من أهل الفلوجة حتي يدفع عنا أو يحمينا، ورغم أن حسان المصور من أهل بغداد الا أنه وان كان عراقياً لكنه غريب عن المدينة مثليفي مثل هذه المواقف أتعامل مع من أمامي بطريقتين لا ثالث لهما:

الأولي أن أتجاهل من أمامي وهذا غالباً ما أفعله فنادراً ما أرد علي اتهامات فارغة توجَّه لي من أحد حتي ما يكتب عني في الصحافة وما أكثره، أما الثانية فهي أن أهاجم من أمامي هجوماً شديداً فأرد له الصاع صاعين، لكني لا أتخذ موقف الدفاع علي الاطلاق ولا أسمح لأحد أن يضعني في دائرة الاتهام علي عمل مهني أقوم به، فوجدت بعدما تأملت سريعاً في الأمر أن الموقف لا يحتمل سوي التجاهل، وأخيراً جاء رجل ممن كانوا يقفون في المقبرة نحوي وقال: لا ترد عليه يا أحمد واصبر فالناس مجروحة والرجل لا يعرفكم فأرجو أن تتحمل وأن تصبر ولا ترد عليه .

كظمت غيظي وطلبت من حسان أن نتحرك بعيداً عن هذا الرجل الذي يؤذينا بالكلام، وذهبنا قرب مدخل المقبرة فوجدنا جمعاً كبيراً من الناس عند مسجد المقبرة جاؤوا بجنائز أخري عديدة، وما ان رآني الناس أحمل ميكروفون الجزيرة ومعي الكاميرا حتي تجمعوا حولي وأخذوا يتصايحون وهم غاضبون بشكل لم أستطع معه تمييز ماذا يريدون، لكني سمعت بعضهم يتهموننا بأننا لم نفعل شيئاً رغم أننا ننقل الصورة الي الناس منذ بداية الحصار، وكأننا المسؤولون عن رفع الحصار وايقاف القصف الأمريكي عنهم وجدت الوضع مضطرباً بشكل كبير وكان لابد أن أغير تكتيكي في التعامل وأن أستخدم وسيلة الهجوم بعدما تكاثر الناس علينا، فلا بد أن أحمي نفسي وأحمي زميلي حسان المصور معي وأن أسعي للسيطرة علي الموقف بسرعة قبل أن يفلت الزمام وأجد منهم من يتهمنا أيضاً بالعمالة للأمريكيين أو يحاول ايذاءنا، فصعدت بسرعة علي درجات سلم جانبية كانت مرتفعة قليلاً عن الأرض يؤدي الي سلم مئذنة مسجد المقبرة، وصحت في الناس بصوت عال وغاضب وهم يتصايحون أن ينصتوا ويستمعوا الي، وبقيت أطلب منهم الهدوء حتي سكتوا فقلت لهم: أيها الناس رغم أني سمعت من بعضكم كلاماً مؤذياً الا أني أبلغكم أني لست خائفاً من أحد ولست عاتباً علي أحد فأنا أعيش معكم معاناتكم وأعرف أنكم جميعاً مجروحون، نحن هنا لننقل معاناتكم الي العالم ونحن نعيش بينكم نواجه ما تواجهون، فمصيرنا الآن ومصيركم واحد، لكن حالة الغضب هذه لن تساعدكم ولن تساعدنا علي نقل هذه المعاناة الي العالم، فاما أن تساعدوني وتتعاونوا معي أنا وزملائي واما أن أترككم وأذهب الي مكان آخر من المدينة، فالسكان كلهم يعانون ونحن تحت الخطر ننتقل بين أطراف المدينة وأحيائها كلما سمعنا عن قصف أو شهداء أو جرحي، فان لم تتعاونوا معي فسوف أذهب وقد أخليت مسؤوليتي أمام الله وأنتم الذين تعرقلون مهمتي، نحن لسنا مسؤولين عن صمت العالم علي الجريمة التي ترتكب بحقكم، لكن دورنا هو أن نوصل صوتكم الي العالم، واذا آذيتمونا أو لم تتعاونوا معنا لن تجدوا من ينقل معاناتكم غيرنا، فأرجو أن تتعاونوا معنا وأعدكم ببث كل ما تقولونه الي العالم عبر شاشة الجزيرة، فأنا هنا وزملائي من أجل هذه المهمة فلا تعرقلونا ولا تتهمونا بالباطل أو تتركوا بعض الناس يتهموننا وتقفون صامتين لا تدافعون عنا شعرت بالارتياح بعد هذه الكلمة، وأصبح الناس طوع بناني بشكل لم أتوقعه وسمعت منهم تجاوباً وقبولاً واستحساناً، قلت لهم: اذن سأنزل الآن بينكم ومعي الميكروفون وزميلي سيصور بالكاميرا وأرجو أن تختاروا من بينكم من يتحدث باسمكم، حتي لا تكون هناك فوضي، لكني لن أنزل حتي تهدأوا وتحدِّدوا من الذي سوف يتكلم باسمكم، وأعدكم بنقل كل ما تريدون عبر شاشة الجزيرة الي العالم .هدأ الناس واختاروا شخصين للحديث، الأول كان من وجهاء الفلوجة واسمه الشيخ عبد الوهاب القيسي حيث وجه نداء من أهل المدينة الي العالم تحدث فيه عن الأوضاع المؤلمة التي وصلت اليها المدينة، وقد أبلغني المشاركون في الجنازة، أن هذه مقبرة قديمة ولم تعد تستخدم، لكنهم أعادوا فتح بعض القبور القديمة واضطروا لدفن الشهداء الجدد فيها بعدما بلغ عدد الشهداء في خلال اليومين الماضيين حوالي خمسين شهيداً بقي بعضهم يومين دون دفن بسبب عدم وجود مكان لدفنهم.

تحت الحصار والقصف ونيران القناصة

بقيت في المقبرة حوالي ساعة، ثم عدت مع حسان سيراً علي الأقدام الي بيت آل حديد في حي نزال حتي أبث الصور التي أخذناها من المقبرة والمناطق الشرقية للمدينة، والنداء الذي وجهه الشيخ عبد الوهاب القيسي، مع الصور التي جاء بها حامد من وسط المدينة والمنطقة الغربية والشمالية الغربية حيث حي الجولان المشتعل دائماً بالمواجهات والمعارك.وصلت الي بيت آل حديد مع وصول حامد، لكن الوضع كان قد أصبح أكثر خطورة في حي نزال، فقد كانت القوات الأمريكية تقوم بعملية اقتحام جديدة للمدينة ووصلت الي مسجد الخلفاء الراشدين وبدأت في التوغل باتجاه حي نزال عبر شارع السد الذي يقع فيه بيت آل حديد، لذلك سلكنا الطرق الخلفية الجانبية لبيت آل حديد لأن شارع السد في ذلك الوقت قريب الي حد بعيد من الاشتباكات.

وصلت الي البيت في الوقت الذي كانت فيه نشرة أخبار الثانية عشرة ظهراً تقريباً علي وشك البث وكان يقدمها الزميل بسام القادري، وشاركت مباشرة في النشرة في الوقت الذي تصاعدت فيه الاشتباكات خلال لحظات وأصبحت علي أشدها من فوقنا ومن تحتنا ومن حولنا حتي ان القوات الأمريكية وصلت الي المدخل الرئيسي لبيت حامد وسمعت الجنود وهم يصيحون ويطاردون بعض رجال المقاومة، كما كانت الطائرات المروحية تقوم بعمليات قصف وتمشيط للمنطقة كجزء من الهجوم البري الذي بدأت الفرقة القتالية الأولي للمارينز بقيادة العقيد جون تولانز تقوم بتنفيذهوعلي الهواء مرت الصواريخ من فوق رأسي أكثر من مرة أثناء البث المباشر، أحدها مر تماماً من فوق رأسي محدثاً انفجاراً هائلاً واضطررت أن أقفز من علي المنصة الخشبية التي كنت أقف عليها وأنا أبحث عن .

فقد شعرت بأن الصاروخ الذي مر تماماً من فوق رأسي كأنه انتزع قلبي، فانبطحت علي الأرض بسرعة وكذلك فعل كل الزملاء وقد بقيت جالساً علي الأرض أكمل التقرير من شدة القصف حولنا، ولم ينقطع البث حيث كان معي زميلي بسام القادري مقدم النشرة يتابع معيأما ليث فقد كان بطلاً بعدما اهتزت الكاميرا من يده انتزعها من علي الحامل بسرعة واستعاد السيطرة عليها بالتصوير متماسكاً قدر المستطاع، بينما كانت الطائرات المروحية تحوم فوق رؤوسنا وتقصف حولنا، وتصوب نيرانها إلي بعض المنازل بينما كان رجال المقاومة يطلقون الصواريخ والقذائف تجاه الطائرات، معركة مرعبة بكل المقاييس، وكانت علي الهواء مباشرة.

الاستراتيجية العسكرية للقوات الأمريكية

لاحظنا أن القوات الأمريكية بدأت بالتوغل في شارع السد حيث نقيم وأصبح الجنود يفتشون البيوت بشكل انتقائي، وتوقعنا أن يطرقوا الباب علينا في أي لحظة إلا أنهم لم يفعلوا، وقام ليث متخفياً بتصوير الآليات والجنود من بين فتحات سور السطح وكانت صوراً مميزة انفردت بها الجزيرة أيضاً، وقد ذكر الناطق باسم الجيش الأمريكي في تصريحات نقلتها الوكالات في هذا اليوم: إن الدبابات والمدرعات الأمريكية دخلت المنطقة الصناعية جنوب الفلوجة تساندها مروحيات كوبرا وطائرات آي سي 130 ، وأوضح أن ألفين من مشاة البحرية يشاركون في الهجوم، وأكد أن قوات المارينز تمكنت من السيطرة علي المنطقة بعد اشتباكات استمرت ست ساعات تعرضت خلالها لإطلاق نار من رشاشات وقذائف هاون من قبل مقاتلين تمركزوا علي سطوح المباني .

ولنا أن نتخيل أن الذين قاموا بالهجوم من هذه الجهة فقط ألفا جندي من المارينز، فكم كان عدد الذين يحيطون بالفلوجة؟ أو الذين كانوا يهاجمون المناطق الأخري مثل حي الجولان الذي كان القتال حوله أكثر شراسة، وفشلت القوات الأمريكية في احتلاله، وقد قدرت بعض المصادر عدد القوات الأمريكية التي حاصرت الفلوجة ولم تستطع دخولها آنذاك بحوالي أحد عشر ألف جندي أمريكي هذا خلاف الذين شاركوا من قوات الحرس الوطني، أو الجيش العراقي الجديد، وقد أدلي الكابتن ساليفان الضابط في الكتيبة الأولي التي كانت تقوم بالهجوم بتصريحات للوكالات في هذا اليوم قال فيها:

إن الهدف من العملية اعتقال المتمردين والإرهابيين ، هذه الأعداد من الجنود تنفي ما ذكره بريمر في مذكراته بأن الجنود الذين قاموا بحصار المدينة كانوا 1300.

كنا نراقب القوات الأمريكية وهي تتحرك في شارع السد متجهة إلي حي نزال، وبعد قليل قاموا بقصف مخزن لإطارات السيارات مواجه لبيت آل حديد فاشتعلت فيه النيران وقمنا بتصويره بسهولة كبيرة من علي سطح البيت، وأرسلنا الصور إلي الجزيرة حيث تم بثها واستخدامها في نشرات الأخبار، ولاحظنا أن القوات تقدمت بالآليات والمدرعات من الطريق العام ودخلت حتي وسط المدينة، لكن المقاومة كانت تلاحقها، ويبدو أنهم قرروا أن يحققوا هذه المرَّة تقدُّماً أكثر من الأيام السابقة، فتقدموا علي محوري الحي الصناعي وحي نزال حيث كنا نقيم، وبالتالي أصبحنا في هذا اليوم الأربعاء 7 نيسان (ابريل) لا نستطيع استخدام شارع السد الذي يوجد فيه الباب الرئيسي لبيت آل حديدوبينما كان حامد يتحدث بصوت عال من الهاتف يجمع معلومات عن التحركات الأمريكية في بعض الأماكن وأنا كنت أتحدث كذلك علي الهاتف بصوت عال مع الزملاء في الدوحة، كنا مثل خلية النحل، فجأة نزل إلينا ليث من غرفة السطح يسيطر عليه الخوف والهلع وهو يصيح: قوم.. أخفضوا أصواتكم القوات الأمريكية تحاصرنا .

سكتنا جميعا ولفنا صمت رهيب، ما هذا!! القوات الأمريكية تحاصرنا؟ بعد ذلك قلنا له: كيف؟ قال: إنهم في المبني المواجه لنا، يقومون بهدم الشبابيك ويضعون أكياس الرمال حيث يتمترس القناصة خلفها .من ناحيتي كنت أتوقع أن يتقدم الجنود الأمريكيون مثل أمس الثلاثاء ثم يتراجعون مرة أخري تحت ضربات المقاومة، لكنهم في هذه المرة تقدموا بكثافة إذ كانوا أكثر من ألفي جندي حسب تصريح الناطق العسكري الأمريكي، وقرروا أن يتخذوا مواقع متقدمة، وكان في مواجهة بيت حامد في جهة الحي الصناعي مصنع، وبجواره فندق مرتفع عادة ما يقيم فيه العمال الذين يعملون في المنطقة الصناعية من غير أهل الفلوجة، يصل ارتفاعه إلي أربعة طوابق، وكان ارتفاعه يشكل لنا مشكلة دائمة أثناء تصوير الطائرات من علي السطح وهي تحوم إذ كان يحجبها حينما تكون خلفه ولأن بيوت الفلوجة كلها منخفضة لا تزيد عن طابقين فكان هذا المبني المرتفع يمثل قيمة كبيرة للقناصة الأمريكيين يستطيعون من خلاله منع الحركة في حي .

وهذا ما حدث بالفعل، فقد اتخذوا من أسطح المبني وغرفه مكامن للقنص، وكان عدد القناصة المتواجدين فيه كبيراً وقد استطعت عدة مرات أن أراهم، بل وتمكن ليث من تصويرهم وقمنا ببث الصور علي شاشة الجزيرة، حيث كان كل قناص معه مرافق عادة ما يكون محدد الأهداف الذي يقدر له المسافة وسرعة الرياح والمعلومات الأخري الخاصة بالأهداف المراد قنصها، وكان استخدام القناصة بهذه الكثافة بداية لتغير الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في الفلوجة حيث أصبح كل من يتحرك طفلاً أو شيخاً أو امرأة أو رجلاً هدفاً للقناصة، وأصبحوا يعتمدون علي القناصة منذ ذلك اليوم بشكل كبير.

وقد علمت بعد ذلك أن المقاومة قامت بنسف هذا الفندق وتسويته بالأرض بعدما أصبح القناصة الأمريكيون يقيمون فيه بشكل دائم حتي بعد انتهاء معركة الفلوجة الثانية.أيضاً بدأ الأمريكيون في الاعتماد علي الطائرات المقاتلة من طراز إف 16 بعدما نجحت المقاومة في إسقاط عدد كبير من الطائرات المروحية، كما أعلنت المقاومة في ذلك اليوم عن تدمير 12 مدرعة وسيارتي جيب، إضافة إلي ثلاث طائرات مروحية إحداها كانت في حي الجولان.

هذا الوضع المتردي للقوات الأمريكية جعل وزارة الدفاع الأمريكية ـ كما نشرت في هذا اليوم صحيفة يو اس إيه توداي كبري الصحف الأمريكية وأوسعها انتشاراً ـ تقوم بإلغاء كل العطل والإجازات لقوات الاحتلال الأمريكية في العراق بما فيها إجازات كانت مقررة لأربعة وعشرين ألف جندي.

كما أكدت صحيفة نيويورك تايمز أن قيادة القوات الأمريكية في العراق بدأت في وضع خطط من أجل استقدام مزيد من القوات الأمريكية إلي العراق بعد الأحداث الأخيرة.ولم تكن الهزيمة التي لاحقت الأمريكيين في ذلك الوقت في خسائرهم المباشرة فقط، بل إن القوات العراقية التي كان من المفترض أن تدعمهم تخلت عنهم وفرَّ كثير من رجالها، وقد عبر عن ذلك الحاكم الأمريكي للعراق آنذاك بول بريمر بنفسه.

فقال في الصفحة 411 من مذكراته عام قضيته في العراق : وفيما تقدم المارينز إلي أعماق المدينة ـ الفلوجة ـ كانت الشرطة العراقية أو قوات الدفاع المدني التي تساندهم من الخلف تهجر مواقعها أو تنتقل إلي الجانب الآخر، وقد أمسك بقائد الشرطة المحلية وهو يتعامل مع المتمردين، وأثبت جنود الدفاع المدني العراقيون أنهم عديمو الفائدة وفقاً لضابط كبير في المارينز، وقد فر نحو نصف الكتيبة الأولي للجيش العراقي الجديد وهم في طريقهم إلي الفلوجة، وتغيب عن العمل في يوم الثلاثاء 6 نيسان (ابريل) نحو ثلث قوة الدفاع المدني في بغداد المكونة من خمس كتائب، وبلغت نسبة التغيب في الكتائب المجندة من مدينة الصدر %80 ، كما تغيب رجال الشرطة العراقيون في كل أنحاء الجنوب أو كانوا سلبيين .هكذا كان الوضع متردياً للقوات الأمريكية في كل الاتجاهات حسب شهادة بريمر.

قصف مسجد عبد العزيز السامرائي

كانت أصوات التكبير تنطلق من مساجد الفلوجة طوال الوقت، وكانت دعوات الناس للصبر والجهاد لا تتوقف، وكان يمكن أن يقوم بذلك شخص واحد داخل كل مسجد إلا أن انطلاق التكبير من عشرات المآذن في وقت واحد ربما سبب إرهاباً وخوفاً وهلعاً ورعباً شديداً للقوات الأمريكية، وجعلها تتخيل أن المساجد مليئة برجال المقاومة الذين يحضون الناس علي القتال.وسعياً منها لإسكات هذه المآذن قامت بالهجوم والاعتداء علي بعض المساجد مدعية أن رجال المقاومة يتحصنون بها.

فبعد توغلهم داخل المدينة يوم الأربعاء 7 نيسان (ابريل) صعد القناصة علي مآذن مسجد الخلفاء الراشدين المرتفعة واتخذوا منها مواقع لقنص السكان في حي الضباط وحي نزال والحي العسكري، واتصل بنا أحد سكان حي الضباط وقال إن قناصاً أمريكياً فوق مئذنة مسجد الخلفاء الراشدين قنص ابنه البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً فأرداه قتيلاً.كما بدأت تصلنا تقارير من المستشفي الميداني وملحقاتها تفيد بأن عدد الذين يصلون إلي المستشفي شهداء وجرحي جراء إصابتهم برصاص القناصة الأمريكيين في ازدياد وأن من بينهم أطفالاً ونساء وعجائز، حتي إني رأيت في المستشفي بعد ذلك شيخاً في الخامسة والسبعين من عمره مصاباً بنيران القناصة، وكذلك بعض الأطفال، وقمنا ببث صورهم جميعاً بعد ذلك.

وأبلغنا مرافق لأحد الجرحي في المستشفي الميداني وسجلنا إفادته وقمنا ببثها في نشرات الأخبار، أن القناصة قتلوا طفلين من إخوته وأصابوا والده.
في نفس الوقت قامت القوات الأمريكية بالهجوم علي مسجد عبد العزيز السامرائي في حي نزال حيث يوجد مقر هيئة علماء المسلمين، ولم نكن نحن بعيدين عن المسجد إلا عدة مئات من الأمتار، فقبل أن يقتحموه قاموا أولاً بقصفه بالصواريخ، وقد اعترف الليفتنانت كولونيل برينان بايرن الناطق باسم الجيش الأمريكي في بغداد بهذا وقال للصحافيين: إن طائرة أمريكية من طراز كوبرا قامت بقصف مسجد عبد العزيز السامرائي في مدينة الفلوجة للقضاء علي المتحصنين بداخله . فيما قال ناطق آخر إن طائرة من طراز إف 16 ألقت علي المسجد صاروخاً وقنبلتين وزن كل منهما 225 كيلو غراماً موجهة بالليزر.

وأضاف المتحدث: إن أكثر من أربعين ممن سماهم الأشرار قتلوا داخل المسجد. وقال الناطق الأمريكي: لقد بتنا نسيطر علي %25 من المدينة بعد ثلاثة أيام من القتال الضاري .

وأكدت القيادة العسكرية الأمريكية أنهم قرروا أن يقصفوا المسجد بعدما جرح خمسة من عناصر المارينز برصاص مسلحين متحصنين في داخله، وأكد علي هذا الكابتن في مشاة البحرية بروس فريم في تصريحات أدلي بها من المقر العام للقيادة العسكرية الأمريكية في تامبا في ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة: بحسب المعلومات الأولية التي تلقيناها، أصيب خمسة من المارينز بإطلاق نار مصدره المسجد مما أدي إلي قصفه بالطائرات.

القصف بطائرات إف

16في هذا اليوم بدأت الطائرات المروحية، تختفي من سماء المدينة وتظهر الطائرات المقاتلة من طراز إف 16. وبعدما تمكن زميلنا حسين دلي من تصويرها وهي تقصف حي الجولان وقمنا ببث الصور اعترف الناطق العسكري الأمريكي باستخدام طائرات إف 16 ، فمن الصعب أن تتمكن المقاومة من اصطياد تلك الطائرات التي تملك هامشاً كبيراً من المناورة، وحجماً هائلاً من النيران والتدمير من ارتفاع شاهق. وكان استخدام الطائرات المقاتلة في ضرب مناطق مدنية يعني أيضاً تحقيق حجم هائل من الدمار والخراب والضحايا في نفس الوقت.

وبالفعل لم ينته هذا اليوم إلا وقد كان هناك ما يزيد علي مئة وخمسين من سكان الفلوجة قد سقطوا بين قتيل وجريح معظمهم من النساء والأطفال، علاوة علي تدمير عدد كبير من المنازل في أحياء الجولان والضباط والعسكري والمعلمين ونزال والصناعي.

وأذكر أن حسين دلي حينما أبلغنا هاتفياً أنه تمكن من تصوير طائرات إف 16 وهي تقصف حي الجولان بكاميرته الصغيرة، طلبت منه أن يأتي فوراً بالصور التي مثلت إدانة كبيرة للقوات الأمريكية، وأجبرتهم بعد بثها علي الاعتراف بأنهم أدخلوا طائرات إف 16 ساحة المعركة بدلاً من الطائرات المروحية. لكن حسيناً تأخر وحينما اتصلنا به مرة أخري قال لنا:

إنه ليس بعيداً عنا ربما لا يبعد عنا أكثر من مئة متر لكن القناصة يقطعون الطريق ويطلقون النار علي كل من يتحرك باتجاهنا، وهناك شارع يقع تحت نيران القناصة لا بد أن يعبره حتي يصل إلينا، لذا فإنه يكمن في أحد التقاطعات وسوف ينتهز الفرصة ويهرب من نيران القناصة ليكمل طريقه إلينا أو يبقي حتي يرخي الليل سدوله ويعبر الشارع في الليل.

طلبت منه أن يكون حذراً وأن يبقي كامناً إلي الليل إن كان مجيئه الآن يشكل خطراً علي حياته، لكنه لم يبق إلي الليل وانتهز أول فرصة للإفلات من نيران القناصة وأفلت منهم، وحينما جاء عانقته بحرارة وقلت له جملة ذكرني بها بعد ثلاث سنوات، قال لي: لم أنس حينما أحضرت صور طائرات إف 16 حينما عانقتني وقلت لي:

أنت بطل بحق يا حسين، أنت بطل . وقد كان حسين كذلك بالفعل ومثله معظم الزملاء، وقدمت لحسين مفاجأة أخري فقلت له: لا بد أن تشارك أنت في البث المباشر القادم، وتروي للمشاهدين ما قامت به الطائرات المقاتلة في تدمير مساكن المدنيين وقتلهم، فأنت الذي قمت بالتصوير وعايشت المعركة .

شعر حسين بالمفاجأة والارتباك إلي حد بعيد وقال: لم أظهر قط أمام الكاميرا علي الهواء . قلت له: ستظهر اليوم، إذا كنت لم تخف من طائرات إف 16 هل تخاف من الكاميرا ؟ جرَّأته وأصبح مستعداً، لكن للأسف كان هناك بث من واشنطن، فتأجل البث من الفلوجة في تلك النشرة، وعاد حسين إلي وسط المدينة مرة أخري حتي يقوم بتصوير الشهداء والجرحي الذين وصلوا إلي المستشفي، وقد قام بتغطيات كثيرة بعد ذلك لا سيما في فترة الحرب الثانية علي الفلوجة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2004 وأذكر أيضاً أنه كانت بين تلك الصور المميزة التي قمنا ببثها في هذا اليوم صور التقطها حسين لبعض رجال المقاومة في حي الجولان، حيث كانوا يطلقون نيران أسلحتهم علي القوات الأمريكية التي كانت ترابط في الجهة المقابلة من نهر الفرات وكذلك علي الطائرات الأمريكية المهاجمة.

ليست هناك تعليقات: